تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
169954 مشاهدة
تصرف الصبي والسفيه

ولا يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي فإن أذن صح لقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى أي اختبروهم وإنما يتحقق بتفويض البيع والشراء إليه.


فلا يصح تصرف الصبي وهو من دون البلوغ، أو السفيه وهو لا يحسن التصرف إلا بإذن الولي وإذا أذن له الولي صح تصرفه بقدر ما أذن له، فإذا أجلسه مثلا في الدكان معناه أنه قد رضي بتصرفه بيعا وشراء وإذا حدد له أشياء وعد له أشياء، وقال: أذنت لك أن تبيع مثلا هذا النوع أن تبيع مثلا من هذا القماش أن تبيع من هذه الأحذية فإنه يتقيد إذنه بما أذن له به وقد يكون إذنه له لأجل الاختبار يختبره هل يحفظ المال، أو يفسده هل يبيع بربح أو بخسران، فإذا اختبره ووجده حافظا للمال غير مفسد له لا يبيع إلا بربح فإن ذلك علاقة على أنه يصح تصرفه فالحاصل أنه يصح تصرف الصبي بإذن وليه.
وكذلك السفيه بإذن الولي بقدر ما أذن له فيه وقد قال تعالى: وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا والسفيه هو الذي لا يحسن التصرف وسواء كان ماله هو أو مال أبيه لا يجوز؛ وذلك لأن المال محترم فلا يجوز إتلافه ولا يتلفه إلا مجنون؛ لو رأيت إنسان مثلا يحرق النقود الأوراق النقدية لحكمت بأنه مجنون وكذلك لو رأيته يلقيها في البحر الدراهم أو يلقي الأمتعة والأطعمة النافعة في الآبار أو في البحار أو يأخذ الأطعمة مثلا ويلقيها في التراب ويدوسها بالأحذية حتى ولو كانت رخيصة كالتمور مثلا والفواكه وما أشبهها لحكمت بأنه فاقد العقل أو ناقص العقل؛ فلذلك سماهم الله سفهاء وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا أي يسرها لكم لتقوم بأودكم وتقوم بحاجاتكم فلا تسلطوهم عليها ليفسدوها، حتى ولو كان المالك غنيا لو كان الأب ثريا عنده الأموال الطائلة فإنه لا يجوز له أن يعطي السفهاء شيئا من الأموال يفسدونها حتى ولو كانت ملكهم ولذلك قال تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى يعني يختبره في البيع والشراء وفي التصرف فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ يعني إذا أحسستم أنهم قد رشدوا فيصلح في تصرفهم فيعطون حقوقهم. نعم.