إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
176184 مشاهدة
إذا باع ملك غيره بغير إذنه

فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح ولو مع حضوره و سكوته ولو أجازه المالك.


يستعملون الفقهاء كلمة ولو إذا كان في المسألة خلاف، والظاهر أن فيها خلافا فيما إذا كان المالك حاضرا ويسمعك وأنت تبيع عين ماله، ولا ينكر عليك. فإن في هذا إقرار له، وكذلك إذا قال: أنا سامح لك بأن تبيعه فإن هذا توكيل. ولو لم يسبق توكيل قبل هذه الكلمة.
والحاصل لو أن إنسانا مثلا باع دار غيره لا يصح هذا البيع؛ المشتري لا يجوز له الشراء وهو يعلم أنها غير مملوكة للبائع، والبائع لا يجوز له عقد البيع وهو يعلم أنها ملك غيره. أيا كانت حتى ولو شيئا يسيرا لا يبيعه حتى ولو نعله مثلا أو عمامته أو إطعامه ولو مثلا خبزة له أو ملعقة أو نحو ذلك أي: الشيء الذي ليس ملكك لا تبيع لا تبع منه شيئا.
ولو رأيت غبطة لو رأيت إنسان بحاجة إلى هذه السلعة بحاجة إلى هذا الكتاب أو بحاجة إلى بقعة يبني فيها وسوف يبذل مالا كثيرا، أو بحاجة مثلا إلى هذا الكبش لذبحه وسوف يبذل فيه مثل ثمنه، مرتين أو بحاجة إلى هذه السيارة مثلا وسوف يبذل فيها مالا كثيرا أو نحو ذلك، وصاحبها غائب، ولا تدري هل هو مستغن عنها أم لا؟ ولا تدري هل هو يرغب بيعها أم لا؟ فقلت سوف أبيعها؛ لأن هذا يغتنم فإذا ما بعناه وباعه فلان أو فلان أخذ الربح، فأنا أتجرأ على صديقي وأبيع هذه الأرض التي قيمتها مثلا عشرون ألفا، وسوف يبذل هذا فيها أربعين ألفا متى نحصل على مثل هذه القيمة. أو هذه الشاة مثلا قيمتها أربعون وسوف يبذل فيها ثمانون متى نحصل على مثل هذا، نغتنم هذا ونبيعه. ففي هذه الحال إذا بعته وأخبرت المشتري أنها ليست أرضك وليست شاتك وليست عين مالك، ولكنك متجرأ على صاحبها، وتعتقد أنه سوف يوافق على البيع. حضر المالك فقال: أنا بحاجة إلى أرضي لو بذل فيها أضعافَ أضعافِ الثمن أنا بحاجة إلى كبشي أو شاتي لا أريد به بديلا لا أجيز هذا البيع. بطل البيع فلا يصح.
أما إذا قال: أجزت البيع فيصح، فيقال للمشتري البيع حصل ولكنه موقوف على إجازة المالك فأنت لا تتصرف فيه حتى يحضر المالك حتى نكاتبه أو نكالمه ونسمع ما يقول. فإذا وافق تم البيع، وإذا رد بطل البيع.
أما لو كان المالك حاضرا، حضر مثلا المشتري وقال: أريد قطعة أرض، أريد مثلا كيس بر، أريد مثلا سيارة أو شاة، وعرفت أن جليسك هذا الذي إلى جانبك عنده هذه السلعة فقلت: نعم موجودة عندنا سلعتك التي تريد موجودة في المكان الفلاني نوعها كذا ومن مساحتها كذا. المالك ساكت يسمعك وأنت تعرضها على المشتري، وقد عقدت البيع وقد قدرت الثمن وقد سلم الثمن لك وهو ينظر ولم يغير ولم ينكر. ففي هذه الحال الصحيح أنه ينعقد، لكن الفقهاء عندما قالوا: ولو مع حضوره وسكوته ولو أجازه قالوا: إن العقد وقع قبل أن تكون وكيلا ولا مالكا ولا وليا فلا ينعقد بهذه الحال حتى يعقده المالك، ويقول: أنا الذي أبيع أو بعت أو يقول قد وكلتك، فإذا قال قد وكلتك تجدد العقد، وتقول هل تشتري أنا أبيعك سلعة موكلي بكذا وكذا. فلا بد من تجديد العقد مرة ثانية بالإيجاب والقبول. هذا هو سبب اختيارهم.
ولكن الصحيح أنه إذا أقرك وأنت تسوم وأنت تقدر الثمن وأنت تعرض سلعته وكان حاضرا ولم ينكر عليك وتم العقد ودفع الثمن وهو جالس فإن ذلك تنفيذ منه للبيع. نعم... هذه غرامة تصرف مثلا وخسر باع بنقص أو اشترى بأكثر من الثمن فعليه غرامة ما تلف. نعم... ينعقد بالإجازة.

ما لم يحكم به من يراه.


يقولون: إنه إذا رفع الأمر للحاكم وحاكم به فحكم الحاكم يرفع الخلاف فيصح البيع عندهم.