اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
170338 مشاهدة
بيع الصوف على الظهر

ولا صوف على ظهر؛ لنهيه -عليه الصلاة والسلام- عنه في حديث ابن عباس ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه.


الصوف هو شعر الضأن الذي على جلد الضأن يسمى صوفا، وأما المعز فيسمى شعرا، وأما الإبل فيسمى وبرا في قوله تعالى: وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أصواف الضأن وأوبار الإبل وأشعار المعز، فكثيرا ما يحتاجون إلى جز هذا الصوف وغزله أو الشعر، البوادي كانت عمدة الفرش والبيوت من هذا الصوف، بيوت الشعر وبيوت الوبر من الصوف، فكانوا يجزون الشعر الذي على المعز، والصوف الذي على الضأن، ثم ينشزون منه هذه الفرش وهذه البيوت بيوت الشعر وما أشبهها، وكذلك الأكياس، فهل يجوز أن يقول: بعتك صوف هذا الكبش أو صوف هذه النعجة وهو على ظهرها؟ أو لا يبيعه حتى يجزه؟
فالذين قالوا: لا يجوز. قالوا: إن فيه نهيا أنه نهى عن بيع الصوف على الظهر، وعللوا أيضا بأنهم سيختلفون في محل القطع في محل جزه، فيمكن أن المشتري إذا أراد أن يجزه قد يحلقه حلقا، أو يقرب من الحلق ربما يقطع بعض الجلد حتى يكثر الذي يأخذه، والبائع يقول: اترك لها شيئا، اترك ما يظل هذه النعجة أو هذا الكبش. فيريد أن يترك نصف الصوف أو ثلثه، فيختلفون عند محل القطع؛ فلذلك ورد النهي، لكن إذا حددوا واتفقوا على التحديد أنه مثلا يترك مما يلي الجلد قدر أنملة واتفقوا على ذلك فإنه جائز، ويكون النهي لأجل الجهالة، فأما إذا كان قد قلب الصوف ونظر فيه وعرف كثرته وقلته، واتفقوا على أنه إذا جزه فإنه يترك منه كذا أو كذا مما يلي الجلد فإنه يصبح ليس فيه غرر. نعم.