لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175677 مشاهدة
إذا باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه

أو باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه كهذه الفرس وما في بطن أخرى، ولم يقل كل منهما بكذا لم يصح البيع؛ لأن الثمن يوزع على المبيع بالقيمة، والمجهول لا يمكن تقويمه فلا طريق إلى معرفة ثمن المعلوم.


يقول: باع معلوما ومجهولا يتعذر علمه، ولم يقل كل منهما بكذا لم يصح البيع.
ومثلوا له بما إذا قال: بعتك هذه الفرس وما في بطن الفرس الثانية؛ فرس موجود وحمل مفقود أو شبه مفقود. الذي في بطن هذه الفرس الأخرى مجهول لا ندري كم قيمته، وقد تقدم أن البيع المجهول لا يصح، فلا يصح أن يقول بعتك حمل هذه الشاة ولا حمل هذه البقرة ولا حمل هذه الأمَة؛ وذلك لأن الحمل مجهول لا ندري أذكر أم أنثى؟ والثمن يختلف لا ندري أواحد أم عدد، قد يكون مثلا كثيرا نحو ثلاثة، قد تلد في البطن ثلاثة، وكذلك المرأة قد تلد ثلاثة في بطن واحد واثنين، قد يكون ميتا فيكون مجهولا، فإذا قال: بعتك هذه الشاة وحمل الشاة الأخرى، الحمل يتعذر علمه في هذه الحال، ويتفاوت إن كانا أنثيين فلهما ثمن، إن كانا ذكرين فلهما ثمن، إن كان ذكر وأنثى فلهما ثمن، إن كان ذكر فقط أو أنثى فقط، إن كان ميتا، إن كان ميتا وحيا، يختلف الثمن باختلاف حال الحمل.
فلما كان مما يتعذر علمه أصبح الثمن غير معلوم، كيف نوزع الثمن؟ إذا قلنا مثلا: إن الثمن مائة ماذا نجعل مقابل الحمل؟ لو أن الحمل خرج ميتا لبطل البيع، والآن نريد أن نوزع الثمن قبل أن يولد فلا ندري ما مقدار الثمن الذي يقابل الحمل؛ لأنه الآن لا يزال حملا في بطن الأم، فتوزيع الثمن متعذر. لأجل ذلك قالوا: يبطل البيع كُلًّا؛ لأن المجهول الذي هو في بطن الأم يُتعذر علمه.
... إذا قال: كل منهما بكذا فلا بأس، إذا قال: قيمة الفرس أو الشاة مائة وقيمة الحمل عشرة صح؛ لأن هذا معلوم؛ صح في الفرس ولم يصح في الحمل؛ لأنه مجهول وبيع المجهول لا يجوز؛ لأنه غرر ثبت أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر فلذلك قالوا: لا يصح البيع بدون تحديد فأما إذا حدد قيمة الفرس وقيمة الحمل أو قيمة الشاة وقيمة حمل الشاة الثانية فهذا جائز.