إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175496 مشاهدة
بيع ربوي بنسيئة

ومن باع ربويا بنسيئة؛ أي مؤجل، وكذا حالّ لم يقبض، واعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئة، كثمن بر اعتاض عنه برا أو غيره من المكيلات لم يجز؛ لأنه ذريعة لبيع ربوي بربوي نسيئة.


صورة ذلك أو مثاله: أنك تبيع إنسانا مائة صاع من البر بخمسمائة ريال غائب حلته هي الخمسمائة يعني: لما حلت وجئت إليه ما وجدت عنده إلا برا أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا، فقال: خذ مني العوض خمسمائة من هذا البر أو من هذا الرز. هل يجوز أم لا؟ لا يجوز بل وكَّله يبيع ويعطيك الدراهم. معلوم أنه لا يجوز بيع بر برز إلا يدا بيد، وفي هذه الحال كأنك بعته مائة صاع من البر بمائتين من الأرز متباعدة. البيع حصل في شهر واحد، والثمن الذي هو الرز حصل في شهر سبعة. فيكون هذا بيع مكيل بمكيل مع التفاوت في الزمان وعدم التقابض.
من شروط بيع المكيل بالمكيل التقابض، ولو اختلف الجنس دليله قوله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب والملح بالملح هذه هي الستة التي وردت في الحديث. فهذه الستة ألحقوا بها كل ما يكال وكل ما يوزن وجعلوها ربوية، فقالوا: المكيلات أربعة: البر والشعير والتمر والملح فيلحق بها كل ما يكال، فالرسول قال في هذه الستة: مثلا بمثل يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد هكذا إذا كان يدا بيد يعني أنه يشترط في بيع البر بالتمر التقابض، فإذا بعت مثلا خمسة أصواع بر بعشرة أصواع تمر فلا بد أن يكون حاضرا. تقول: بعتك هذا البر بهذا التمر كلاهما حاضر يدا بيد، وكذلك لو بعت مثلا خمسة أصواع رز بعشرين صاعا شعير فلا بد أن يكونا حاضرين، بعتك هذا الرز بهذا الشعير يدا بيد، أو بعت مثلا ثلاثة آصع تمرا بصاع زبيب لا بد من التقابض أن يكونا حاضرين. بعتك هذا التمر بهذا الزبيب فيتقابضان في المجلس. فلا بد من التقابض قبل التفرق.
هذا هو الصحيح في بيع الربوي بالربوي إذا اتفقت العلة. العلة هنا هي الكيل الرز مكيل والملح والشعير مكيل والبر مكيل والتمر مكيل والدهن مكيل والبر والشعير وكل الحبوب هذه كلها مكيلة، فلا يباع مكيل بمكيل إلا يدا بيد. وصورتنا هذه بِيعَ مكيل بمكيل ولم يكونا متقابضين. بعت أنت مثلا بعت مائة صاع بر في شهر محرم بخمسمائة ريال غائبة إلى شهر سبعة ولما جاء شهر سبعة فأعطني خمسمائة ريال خمسمائة ألف مثلا إذا كنت بعته ألفا أو بعته مثلا مائة بخمسمائة ريال ما وجدت عنده الدراهم. قال: ما عندي إلا تمر أو إلا رز أو إلا قهوة أو إلا سكر؛ كل هذه مكيلة، فلا يجوز أنك تشتري بثمن البر سكرا؛ لأنه كلاهما مكيل، ولا بثمن البر القديم الذي هو المائة مثلا لا تشتري بها شيئا من الحبوب دخنا أو ذرة مثلا أو شعيرا أو حنطة كل شيء يكون من المكيلات لا كون ثمنا لهذا الذي اشتري قديما.
هذا معنى قوله: ومن باع ربويا بنسيئة. عرفنا أن الربوي هو المكيل والنسيئة هي المؤجل، وقد يكون الربوي كما سيأتي في ربا الفضل الموزون، فإذا باع مكيلا بمكيل وأحدهما أكثر من الآخر لم يصح إذا كانا من جنس واحد، وإذا كانا من جنسين صح مع التقابض، وإذا باع مكيلا بمكيل وأحدهما غائب لم يصح. لا بد أن يكونا حاضرين مدفوعي الثمن في المجلس.
من باع ربويا كمكيل أو موزون باعه بدراهم، واعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئة. فالنسيئة في المؤجل. وهاهنا اعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئة ولو كان الثمن واحدا، لو كان مثلا الثمن أنه ألف، وقال: ما دام عندي لك ألف أعطيك قيمة الألف من ها البر الذي عندي أو هذا الشعير، فلا يجوز؛ لأنه ذريعة إلى بيع ربوي بربوي نسيئة، أو ذريعة إلى بيع بر ببر نسيئة ومتفاوتا يعني: أحدهما أكثر من الآخر. وسيأتي إن شاء الله توضيح ذلك في باب الربا.
أسئـلة
س: ما وجه الإجازة؟
قالوا: إنه مخافة أن يتخذ ذريعة إلى بيع الربوي بجنسه نسيئة، كان شيخ الإسلام قال: إنه من باب الرفق به، صورة ذلك إذا بعته -مثلا- مائة صاع بخمسمائة ريال وجئت إليه تتقاضي عندما حل الأجل بعد نصف سنة قال: ما عندي خمسمائة ريال ولكن عندي ها الرز وعندي ها التمر وعندي هذا الزبيب وعندي هذا الشعير وعندي سكر وعندي قهوة وعندي هيل فكل هذه مكيلات. فيقول شيخ الإسلام: إذا كان أرفق بالمديون أنك تأخذ منه السلع هذي فخذها. ربما أنك إذا كلفته بالدراهم يخسرها، يسبها ويبيعها برخص لأجل أن يعطيك، فتذهب عليه أو تنقص، فرأى شيخ الإسلام أن المصلحة تقتضي أنك تأخذها منه تأخذه لأجل الرفق به؛ ولأن هذا يعتبر شراء كأنك اشتريت منه بشيء في ذمته. تقول: في ذمتك لي خمسمائة ريال أشتري بها منك هذه الأكياس الرز. الخمسمائة قيمة بر وأنا أشتري منك رز، الخمسمائة قيمة بر مثلا وأنا أشتري بها اللِّي في ذمتك تمرا أو زبيبا؛ شيئا من المكيلات، فيرى أنه جائز؛ لأن فيه شيء من الرفق، لكن الفقهاء منعوه؛ لأنه ذريعة إلى أن يبيع الربوي بالربوي مع التأجيل والتفاوت.
س: والمرجح؟
العمل على أنه لا يجوز لكن قد يفتى بالجواز في بعض الأحيان الخاصة.