عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
175671 مشاهدة
إذا تصرف المشتري في المبيع عالما بالعيب مدة الخيار

وخيار عيب متراخ؛ لأنه بدفع ضرر متحقق، فلم يبطل بالتأخير.


خيار العيب متراخ يعني: ليس على الفور. لكن إذا استعمل هذا المعيب بعد علمه بالعيب، فليس له إلا الأرش؛ لأن استعماله دليل الرضا، وكذلك إذا رده، فإنه يرد أجرة الاستعمال.
فمثال ذلك: إن اشترى ثوبا، ووجد فيه خروقا، فهذه الخروق تعتبر عيبا. له أن يرده، ولكن لا يلزمه أن يرده في ساعته، أو في يومه، فيقول: هذا الثوب لا أريده بهذا العيب. طواه وجعله في صندوق أو في مكان خاص، ثم أغلق عليه وبقي يوما يومين أسبوعا أسبوعين ما تيسر له أن يرده. رده بعد أسبوع أو أسبوعين، يلزم البائع أن يقبله، ولا يقول له: لماذا أخرته؟ يقول: أنا لم أستعمله من حين رأيته وأنا طويته ولم ألبسه ولم أنتفع به وهذا ثوبك. قد يقول البائع: إنك حبست عني الثوب الذي لو كان عندي لبعته، وتصرفت فيه، فهو أيضا يقول: وأنت في هذه المدة انتفعت بدراهمي، وقد ربحت فيها؛ فلذلك خيار العيب متراخ.
ومثله: لو اشترى شاة فوجدها معيبة عوراء مثلا أو عرجاء أو نحو ذلك، ولما اشتراها وعرف العيب، أبقاها عنده، وأشهد على أنه لا يريدها وأنها معيبة، وتركها مع غنمه ترعى معها يومين أو خمسة أيام أو عشرة، ثم ردها بعد ذلك، فليس للبائع مطالبته بأرش التأخير، بل يجب على البائع أن يقبلها. بالعيب ظاهر، ولا يقول: لماذا أخرتها عني؟ خيار العيب متراخ. وإذا حلبها إن كانت ذات لبن، فيرد قيمة اللبن. إلا إذا كان أعلفها، فيكون العلف مقابل اللبن.
وكذلك لو اشترى سيارة؛ وبعد أن فحصها، وبعد أن سلم الثمن وذهب بها، فوجد فيها عيبا داخليا بعد الفحص، وهذا العيب ينقِّصها كثيرا، ثم إنه بعدما علم ذلك أشهد عليها وأوقفها عنده يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر أو أقل ولم يستعملها، وردها بعد أسبوع أو نحوه، لزم البائع قبولها، وكان على البائع أن يبين العيب قبل أن يبيعها؛ لأنه لا يحل لمن يعلم عيبا أن يكتمه، وحيث إنه كتمه فإنه خاطئ وغاشّ، فعليه أن يقبلها، ولا يقول: لماذا حبستها عندك؟ هو يقول: لم أنتفع بها من حين علمت العيب أوقفتها حتى أتيتك بها. لم يتيسر لي أن آتي بها، وقد جئتك بها كما هي. عيبها فيها لن أصلحه، ولم يحدث فيها شيء عندي. يلزمه القبول.
أما إذا كان هذا المبيع يفسد بالتأخير، فإنه يلزمه أن يرده فورا بعض الفواكه يفسد بالتأخير؛ مثل الموز والطماطم إذا لم يكن مثلجا ونحوه يفسد بالتأخير، ففي هذه الحال إذا وجده فاسدا، فلا يؤخر رده، بل يرده في الحال. وهكذا كل ما يفسد بالتأخير كالفواكه والخضار واللحم، إذا لم يثلج. فإنه يرده فورا. فإن حبسه حتى زاد فساده، فعليه أرش الزيادة أرش الفساد. نعم.
..يأتينا إن اختلفا عند من حدث العيب؟. نعم.

ما لم يوجد دليل الرضا كتصرف فيه بإجارة أو إعارة أو نحوهما عالما بعيب، واستعماله بغير تجربة.


ذكر أن خيار العيب على التراخي، ما لم يوجد دليل الرضا من المشتري فإذا وجد منه دليل الرضا، فليس له بعد ذلك أن يرده. وإنما له أن يطالب بالأرش. ذكر أمثلة للدليل. دليل الرضا، استعماله دليل على رضاه. لبسه للثوب مثلا وأكله للطعام أو للفواكه وتقديمه مثلا لأضيافه، وكذلك تأجيره للسيارة، أو للبعير فيحمل عليه بأجرة.
وكذلك إعارته. أعار الثوب لمن يلبسه، أو أعار البعير لمن يركبه، أو نحو ذلك، أو أعار الشاة لمن يحلبها. فإن في هذا دليلا على أنه قد رضي به. ففي هذه الحال ليس له الرد، وإنما له الأرش. التصرف الذي يدل على الرضا يسقط حقه.
أما إذا كان استعماله للتجربة، فلا بأس. لو مثلا ركب السيارة واستعملها ليدل ليعرف بذلك سرعة سيرها تجربة، أو مثلا البعير ليعرف بذلك سبقه أو الفرس ليعرف سبقه، أو الجوارح ليعرف صيده أو ليعرف طواعيته وموافقته لمالكه أو نحو ذلك. فإن التجربة لا تسقط حقه من الرد. نعم.
..أنت تشتري وتعلم أنه مفاسد؟ لا. ما أحد يشتري شيئا إلا وهو جازم أنه صالح.
.. نعم...وأنت ما تبيع شيئا وتعلم أنه فاسد؟ ما يجوز لك أن تبيعه وأنت تعلم فساده إلا يبين للمشترين. ولا المشتري ما يمكن أنه يشتريه شاك فيه هذا صالح أم فاسد؟
.. نعم. الأصل أن البيض؛ الأصل أنه صالح يشترى لأجل الأكل، وكذلك أيضا البطيخ لكن البطيخ يكثر فيه أنه غير صالح. في جوفه شيء من الفساد؛ إما عدم نضجه، وإما نتن في وسطه ونحو ذلك. نعم.
..هذا يسبب أنك أيها المشتري لا تشتري إلا بعدما تفحص، وبعدما تقلب، وبعدما تتأكد من صلاحها. نعم
..صحيح أن هذا غير يعني: غير مناسب ولا يجوز لصاحب المكتبة أنه يكتب كذا، والعادة أنه يقبله.
..المكتبات ولا المكتب. الكتب.
..الأمور المستهلكة لا بأس، لكن الكتب. نشتري الكتاب ثم نجده ناقص ملزمتين أو ملزمة ستة عشر صفحة ساقطة من وسطه. هذا عيب. لزم علينا أن نفتشه، فلا يفتشه إلا بعدما نرجع ونشوفه. وأحيانا مثل ما ذكر عبد الله تلتصق عندما يجتنبها للتصوير تلتصق ورقتين. الورقة ثمان صفحات. تلتصق ورقتين ثم يطبعون أعلاها ويطبعون أسفلها، ويبقى الذي بينهم لم ينطبع، ثم بعد ذلك إذا سفطوهم، لصار في الوسط ستة عشر صفحة بياض، فيكون هذا عيبا. فلا بد أنهم يقبلوها، ويردوها إلى المطبعة. المطبعة التي طبعت تأخذ الملزمة وتعطيهم غيرها. نعم.
..لا بد أن المشتري يقلبها عند شرائها هذا المستهلك. أما التجار الغالب أنهم يتسامحون في ذلك. التاجر إللي يشتري مثلا البضائع بالأطنان. قد يكون في مثلا المعلبات أشياء فاسدة وانتهت مدتها صارت لها مدة محددة. مثل الأجبان وأشباهها، فيعتبر مفرط المشتري؛ لأنه اشتراها بهذه الكمية وهو يعلم أن مدتها تنقضي، أو لم يتفقدها. بل المشتري للتجارة التجار. أما المستهلك فهو غالبا ينظر في الكتابة التي عليها. تنتهي مدة هذا الجبن في مدة كذا وكذا في زمن كذا وكذا، وهكذا المعلبات الأخرى الزيتون ينتهي مدته يحدد له مدة، وأشباه ذلك، فلا بد من الاحتياط. نعم.