الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
176342 مشاهدة
تعين الدراهم والدنانير بالتعيين في عقد الصرف

والدراهم، والدنانير تتعين بالتعيين في العقد ؛ لأنها عوض مشار إليه في العقد. فوجب أن تتعين كسائر الأعواض، فلا تبدل بل يلزم تسليمها إذا طولب بها لوقوع العقد على عينها.


هذه مسألة خلافية والمراد بالدراهم والدنانير هنا؛ الدنانير الذهبية والدراهم الفضية تتعين بالتعيين؛ فلا تبدل إذا وقع العقد عليها.
ولعل السبب في ذلك أنه قد يرغب في شيء خاص. أتذكر كنا زمانا نتعامل بالريال الفرنسي، فتارة يكون الريال من كثرة استعماله قد سود. وكذلك زمنا طويلا في حدود سنة خمسة وخمسين صار التعامل بالريال الفضي، الذي طبع في عهد الملك عبد العزيز ومع كثرة استعماله أيضا استعمله كثير من البوادي والحضار ونحوهم؛ فتتسخ ويركبها شيء من الوسخ ويركبها شيء من السواد فتقل الرغبة فيها.
فإذا مثلا بعنا ثوبا بخمسة ريالات. نقول: نبيعك بخمسة ريالات لكن الريال هذا، وهذا، وهذا، ولا نقبل منك هذا، وهذا، وهذا. فتتعين هذه الخمسة التي عيناها، وأشرنا إليها، وليس له أن يبدلها، ما بعناك إلا بهذا الريال، وهذا الريال، وهذه الدراهم التي خصصنا فليس له أن يبدلها.
ولو كانت مساوية للأخر في كونها ريالا وكونها كذا وكذا. فلا يعطيك بدلها ما دمت قد اخترتها دون غيرها.
وكذلك الجنيه. يوجد أحيانا في بعض الجنيهات شيء من الغش، يعني يخلط بنحاس، ويعرفه النقاد. فإذا قال: ما أبيعك مثلا هذه الشاة إلا بهذا الجنيه، لو أعطيتني جنيها غيره لا أقبل، فيعينه، ويخصصه فإذا تعين فإنه يتعين وليس له أن يبدله.
ولك أن تتمسك بطلبه، أو تفسخ العقد، تقول: إما أن تعطيني هذا الجنيه عن هذه شاتي. وإلا فلا عقد بيننا. فإذا قال: هذا الجنيه وهذا الجنيه سواء سواء خذ واحدا بداله. أو مثلا الجنيه الذي نصصت عليه ووسمته قد اشتريت به من آخر؛ فإن لك أن تطالب به أو ترد العقد. كما أن الشاة تتعين.
إذا مثلا إن كان عندك بيعة من الغنم لو اشترى منك شاة بخمسمائة ولكنه عينها. قال: لا أريد إلا هذه الشاة من الضأن، أو هذه الشاة من المعز. عينها. فليس لك أن تعطيه بدلها؛ لأنه ما اشترى إلا هذه. فكذلك أنت إذا بعتها بجنيه معين فإنك تطالب بنفس الجنيه الذي وقع عليه العقد. هذا معنى كونها تتعين بالتعيين فلا تبدل.
كما أن الأعواض الأخرى تتعين بالتعيين؛ يعني الشاة خصصها ولو كانت مماثلة، والثياب خصصها ولو كانت مماثلة. أما إذا لم يعين بل قال: مثلا بعتك بخمسمائة فإنك تعطيه خمسمائة من أية نقد، ولا يطالبك بفئة معينة. اشترى منك بخمسمائة يعطيك خمسمائة ورقة واحدة أو يعطيك خمس ورقات فئة المائة، أو يعطيك مثلا عشر ورقات فئة الخمسين، أو يعطيك فئة العشرة أو فئة الخمسة. تقبل ما آتاك لأن الجميع جملة واحدة؛ لأنه لم يعين.
يمكن أن يقال ذلك أيضا في الأوراق. يعني إذا كان مثلا معه أوراق فئة الخمسمائة، ولكن فيها شيء من التمزق، أو قريبة فتبلى؛ فقلت: أبيعك بهذه الورقة الجديدة فئة خمسمائة، فإنها تتعين، ولا يعطيك من الأخر. لكن لو أخرج لك فئة خمسمائة جديدة مثلها فإن قصدك حصل وهو كونها سليمة من العيب. نكمل الشرح.