إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
كيف تطلب العلم
17877 مشاهدة
القراءة

* كيف يقرأ طالب العلم؟
* كتب ينصح بقراءتها؟
* القراءة أولى أم الحفظ؟
* من كان شيخه كتابه!
27- لا شك أن القراءة مهمة لطالب العلم، لكن السؤال المتكرر هو: كيف يقرأ طالب العلم ولمن يقرأ ؟
طلب العلم يحصل بحضور حلقات العلماء التي يقيمونها في المساجد والمساكن ونحوها، ويحصل أيضا بقراءة كتب أهل العلم للاستفادة منها، ويحصل أيضا بسماع النصائح والمواعظ والإرشادات، والمحاضرات والندوات والخطب، والأشرطة الإسلامية، وقد يسر الله -تعالى- الكتب الإسلامية القديمة والجديدة، فطبعت ونشرت مع التنسيق، والتحقيق، والفهارس التي تقرها لمن أراد الاستفادة منها، ثم إن الحاجة قد تعرض للطالب إلى البحث عن موضوع خاص هو موجود عنده في الكتب التي بحوزته، كصلة الرحم مثلا فطريقة العثور عليه أن يقرأ في الفهارس، أو يكرر قراءة الكتب، والنظر فيها، فيعرف موضع البحث، أو يقرأ بعض الأحاديث المتعلقة بالموضوع في أحد كتب التخريج، ويعرف موضع ذلك الحديث، فيجد إلى جانبه ما يتعلق هذا البحث، وكذا لو احتاج إلى معرفة حكم زكاة الحلي أو زكاة الفطر، أو الحجامة للصائم، ونحو ذلك فيبحث عن الحديث الذي يستدل به على ذلك فمتى وجده عثر على البحث في أغلب الكتب التي تناولت هذا الموضوع، سواء ببسط أو اختصار، لذلك طريقة يمكن تعلمها مع أحد الموجهين.
28- ما أفضل الكتب التي قرأتموها؟
أفضل الكتب على الإطلاق القرآن الكريم، ثم ما خدم به القرآن، وهي كتب التفسير، مثل تفسير ابن جرير وابن أبى حاتم والبغوي وابن كثير والشوكاني وابن سعدي ونحوها من تفاسير أهل السنة، وسلف الأمة، ثم كتب الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، وكذا كتب علوم الحديث المختصرة والمبسوطة، كالنخبة، والبيقونية، ومقدمة ابن الصلاح والتقريب، والتدريب، ثم علوم التوحيد، كالسنة للإمام أحمد ولابنه عبد الله والنحل أو التوحيد لابن خزيمة وابن منده ونحوها، ثم كتب الفقه وما يتصل بها.
وقد بدأت بقراءة آداب المشي إلى الصلاة، للشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعده كتاب زاد المستقنع، وشرحه الروض المربع، وبلوغ المرام، وشرحه سبل السلام، والآداب الشرعية، وشرح ابن رجب للأربعين ونحوها.
29- ما الكتب التي تنصحون طلاب العلم بقراءتها؟
الكتب كثيرة، والغالب أن بعضها يكفي عن بعض، لكن أكثر العلماء على أنه لا يغني كتاب عن كتاب.
فننصح في التوحيد: بكتاب السنة للإمام أحمد والرد على الجهمية له، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة واللمعة لابن قدامة والواسطية لابن تيمية وكتاب التوحيد لابن عبد الوهاب وسلم الوصول للحافظ الحكمي ثم بشروحها المختصرة للمبتدئ.
وننصح في الحديث: بعمدة الأحكام، والأربعين النووية، والمحرر لابن عبد الهادي والبلوغ لابن حجر ثم بشروحها المختصرة.
ونوصي في التفسير: بالجلالين، ومختصر تفسير ابن كثير للرفاعي وتفسير أبي سعدي والجزائري وغيرها.
ونوصي في الفقه: بآداب المشي إلى الصلاة لابن عبد الوهاب وعمدة الفقه لابن قدامة ومختصر الخرقي والمقنع، لابن قدامة وزاد المستقنع للحجاوي ثم بشروحها المختصرة التي تناسب المبتدئ.
ونوصي في النحو: بالآجرومية، وملحة الإعراب، وقطر الندى، ثم بشروحها المختصرة.
وفي الفرائض: بنظم الرحبية، ثم بشروحه المختصرة.
وفي كتب التاريخ: مختصر السيرة لمحمد بن عبد الوهاب ولابنه عبد الله والبداية والنهاية لابن كثير
وفي المصطلح: نخبة الفكر، والبيقونية، و(غرامي صحيح)، وألفية العراقي
وفي الأدب الديني: الأدب المفرد للبخاري وروضة العقلاء لابن حبان ورياض الصالحين، وأدب الدنيا والدين، وعدة الصابرين، وروضة المحبين، وتنبيه الغافلين للنحاس، والرياض الناضرة.
30- ذكرتم جملة من الكتب القيمة، غير أن بعض الطلاب في بداية طلبهم للعلم ربما استشكلوا صعوبة مصطلحات كتب المتقدمين وقوة لغتهم.. فآثروا القراءة في الكتب المعاصرة والرسائل والمصنفات الصغيرة.. ما رأيكم في ذلك؟ وهل من سبيل لتجاوز هذه المشكلة؟
هذا ليس على إطلاقه، فإن الطلاب في جميع المراحل يبدؤون بقراءة كتب قديمة، وتشرح لهم، ويفهمون ما فيها، بل نعتقد أنها أقرب إلى الفهم من كتب المتأخرين، وقد أوضحوا مصطلحاتهم في مقدمات كتبهم أو في شروحها، واستعمل المتأخرون تلك المصطلحات، لمعرفتهم بما يراد بها، فإن قرأت في كتب العقائد وجدتها واضحة الأسلوب، جلية المعاني، مثل كتب السلف التي سموها باسم السنة، أو باسم التوحيد، أو باسم الإيمان، أو الشريعة أو الاعتقاد، فالغالب أنها أخبار وآثار، وأحاديث جلية ظاهرة، وإن قرأت ما كتبوه في الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، فقد رتبوها على الأبواب الظاهرة، أو جمعوا أحاديث كل صحابي جميعا، وبقراءة الحديث يفهم معناه، وقد شرحت الكتب ووضحت معانيها، فنوصي بقراءة كتب اللغة، والنحو، والأصول، والمصطلح، وبتعلم ما اصطلحوا عليه من التعاريف التي بينوها في كتب الأصول، كالواجب، والمسنون، والمندوب، والمحظور، والمباح، والسنة، والرخصة، والعزيمة، ونحوها، حتى يستفاد من كتب المتقدمين بسهولة.
31- هل ترون أن يشتغل الطالب المبتدئ بالقراءة وجرد الكتب، أم بالحفظ ومدارسة المتون، ويترك القراءة إلى أن يتقدم في السن وتتسع مداركه؟
ننصح من كان جيد القريحة ذكي القلب أن يهتم بالحفظ وإتقان المتون المهمة في الفقه، والحديث، والنحو، والصرف، والتوحيد، ونحوها، فإن الحفظ الجيد القوي يبقى مع صاحبه في الحال والمآل، فإن صعب عليه فهم بعض العبارات فعليه بقراءة شرحها، حتى تتضح، فإن الحفظ مع عدم الفهم قليل البقاء، فبعد حفظ المهم من المتون يشتغل بالشروح والكتب الموسعة، أما من كان ضعيف الحفظ سريع النسيان، فننصحه بكثرة القراءة، والانكباب على المطالعة، وكثرة المذاكرة، والنظر في الكتب وتأمل ما فيها، وتكرار قراءتها، حتى تحصل الفائدة منها.
32- بعض الشباب يتردد في شراء الكتب التي يبدو له نفعها بحجة وجود جملة من الكتب في مكتبته، ولم يفرغ منها بعد، فما رأيكم؟
إذا كانت هذه الكتب التي عنده كافية في جمع العلوم المفيدة في الأحكام، والآداب، والشرع، والعلم الصحيح، فننصحه بعدم شراء سواها حتى يتقنها، ففيها الكفاية، وحتى لا ينشغل بالكتب الجديدة التي لا يحتاج إليها وبالأخص كتب المتأخرين من الأدباء، والشعراء، وأهل النظر والفكر، وكذا الكثير من الكتب التجارية التي قصد من طبعها من ورائها تحصيل المال، والثروة، مع قلة الحاجة إليها، أما إذا تجدد كتب مفيدة في العقائد، والعلوم النافعة، فعلى الطالب الحرص على اقتناء ما تيسر منها، سواء من كتب المتقدمين أو المتأخرين.
33- هناك مقولة يرددها البعض وهي قولهم: (من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه) هل هذه المقولة بإطلاقها؟ وما صحة كونها أطلقت على زمان كانت الكتب مليئة بالتصحيف والأخطاء بخلاف ما هي عليه اليوم من وضوح وتحقيق؟
أعتقد أنها ليست على إطلاقها، ولكنها واقعية في بعض الأشخاص، وفي بعض العلوم، فإن هناك مواد وفنون لا بد من قراءتها على عالم يوضح معانيها بالأمثلة، والأدلة، والشواهد، فإن علم النحو يصعب أخذه من الكتب على الإطلاق، وكذا علم التجويد، لا يفهم إلا بالتمثيل المسموع، وكذا الكتب المختصرة التي تحتاج إلى تحليل معانيها، وإيضاح جملها، فإن المدرس الذي تلقى العلم عن مشايخ وعلماء عارفين، يكون شرحه وتقريره أوضح وأظهر، من الذي تلقى ذلك من الكتب والرسائل.
وأما إن كان عنده فهم وإلمام باللغة، ومعرفة بالنحو، ومصطلحات العلماء والأصوليين، فإن الكتب المحققة تفيدهم، وذلك أن علماء الأمة -رحمهم الله- قد اجتهدوا في نفع من بعدهم، وألفوا من الكتب ما يمكن أن يحتاج إليه مع الاستيفاء، والإيضاح والبيان، ثم يسر الله -تعالى- المطابع وآلات التصوير، فنشرت تلك المؤلفات، وحققت، وفهرست، وقربت، فأصبح فهمها سهلا، والاستفادة منها متيسرة لمن كان عنده معرفة بمبادئ العلوم، ومقدمات الفنون، وقد حصل من الكتب نفع كثير، واستفاد منها وتعلم بواسطتها جم غفير، أناروا وألفوا وعلموا وعملوا.
34- أي الخيارين ترى: أن يعيد الطالب قراءه كتاب سبق له الفراغ منه طمعا في مزيد من التثبيت للعلم، أم قراءه كتاب آخر لم يسبق له قراءته؟
المختار أن يبدأ في كل فن بأحد المختصرات، ويهتم به حتى يفهمه، ويستحضر محتواه حفظا وفهما، ثم ينتقل إلى ما هو أوسع منه في موضوعه، ولا يمنعه ذلك عن القراءة في كتب أخرى تتعلق بذلك الفن أو غيره من الفنون، فمثلا إذا اشتغل في الفقه بزاد المستقنع، حرص على حفظه أو فهم جمله، وطالع أصله الذي هو المقنع، وشروح المقنع، وشروح الزاد، حتى يعرف محتواه، ولا يقرأ فيه مرة، وفي المحرر مرة أخرى، وفي كتب المذاهب الأخرى مرارا، فإن ذلك يفرق معلوماته، فمتى أتقن ذلك الفن تمكن بعد ذلك من التوسع وقراءة بقية الكتب.
35- كتب الأدب والشعر والسير والتراجم والتاريخ، هل ترون أن يصرف الطالب بعض وقته وقراءاته فيها؟ وبم توصون؟
لا بأس بذلك، فإن المؤلفين لتلك الكتب قد بذلوا فيها جهدا كبيرا، ووقتا ثمينا ولقوا في تأليفها عرق الجبين، وكد اليمين، ولا نشك في حسن مقاصدهم ونياتهم، وأن تلك المؤلفات مما يستفاد منها في هذه الحياة، فإن علم السيرة والتأريخ يحتوي على ذكر آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- ومبدأ نبوته، ومعجزاته، وتفاصيل غزواته، وما حدث له في حياته، مما فيه عبرة وموعظة وذكرى للمؤمنين، فلذلك نوصي بقراءة كتب السيرة، وتعقل محتوياتها، وذلك مما يكسب المؤمن طمأنينة قلب وقوة إيمان، وهكذا سيرة الخلفاء الراشدين، وما بذلوه لنشر الدين، ونصرة الإسلام، وما حصل في خلافتهم من النصر والتمكين، وتأييد رب العالمين، وهكذا ما جرى بعدهم على الأمة من المصائب والمحن، وما ذكر في تراجم العلماء والملوك، وحوادث الزمان، ففي قراءة ذلك عبرة وموعظة وذكرى، لمن تأمل وتفكر.
وأما كتب الأدب والشعر، وتراجم الشعراء العرب، وذكر شيء من بلاغتهم، ومحتويات أشعارهم، فمتى كان المؤلف من أهل العلم، والنصح، والدين، فإنه يضمنها مواعظ، وإرشادات، وفوائد نافعة فقراءتها أحيانا مفيدة للتزود من تلك العلوم، والاطلاع على ما فيها من العبر والعظات، أما بعض المؤلفات في هذا الفن، فإنها تحتوي على أكاذيب، وعلى عيب وثلب لأهل الصلاح، وتعظيم للمبتدعة، وتعداد لفضائلهم فنوصي بالبعد عن تلك الكتب، ولا شك أن الاشتغال بهذه الفنون دائما مما يفوت على الطالب طلب العلم الصحيح، فتعتبر هذه الكتب تسلية، يشغل بها وقت الفراغ للترفيه عن النفس.