المكتبة النصية / فصل في صلاة المسافر
269\134 قال شيخنا عبد الله بن جبرين -حفظه الله تعالى آمين- من جملة الأعذار السفر؛ لأنه مشقة. وقد اختُلف هل القصر أفضل أو الإتمام ؟ القول الأول: رجّح قوم أنه يتم إذا لم يكن مشقة؛ لأن الإتمام هو الأصل، والقصر رخصة لأجل المشقة، واستدلوا بقول عمر { لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قوله -تعالى- { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا } فقال عمر قد أمنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوها } فقالوا: إن المشقة ضارة كالعدو، فزالت المشقة فهو -القصر- رخصة، والإتمام هو الأصل، ويدل على ذلك ظاهر الآية: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } فنفي الجناح لرفع الإثم، فكأنه قال: إتمامكم أصل وقصركم جائز، ولا تخافوا من الإثم. وكثيرا ما يذكر الله نفي الجناح لرفع الإثم: { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ } . القول الثاني: يفضل القصر على الإتمام لأدلة: أنه -صلى الله عليه وسلم- حافظ على القصر في أسفاره كلها، ولم ينقل أنه أتم، فمحافظته دليل على الأفضلية، واستدلوا: أنه حث على قبول الرخص: { إن الله يحب أن تؤتى رخصه } . ومن الأدلة أيضا حديث عائشة { فرضت الصلاة ركعتين، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر } . ونازع قوم في جواز الإتمام، فقال بعضهم: من أتم في السفر فهو كمن قصر في الحضر. والراجح جوازه. واستدلوا بحديث: { أحسنت يا عائشة } . واستدلوا بحديث: { كان يقصر ويتم في السفر، ويصوم ويفطر } وله روايات أخرى. ولكن أنكر الحديث ابن القيم -رحمه الله- تبعا لشيخه ابن تيمية فقالوا: لا يجوز أن تخالف عائشةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. قال شيخنا الشيخ عبد الله بن جبرين -حفظه الله تعالى آمين- الراجح في السفر القصر، سواء كان هناك مشقة أو لم يكن. "فائدة": قال شيخنا -حفظه الله تعالى- رُخَصُ السفرِ: القصر، الجمع، الفطر، زيادة المسح إلى ثلاثة أيام. * * * 270\134 (لمن نوى سفرا مباحا) أي: ليس حراما ولا مكروها ... قال شيخنا -حفظه الله- قاسوا ذلك على قوله -تعالى- { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ } فقالوا: كذلك المسافر لحرام أو ما شابهه لا رخصة له، كما أن الله لم يرخص للباغي والعادي أن يأكل من الميتة. (ب) والذين عمموا القصر لكل أحد قالوا: الأحاديث في الرخص عامة. * * * 271\134 (وهي يومان قاصدان في زمن معتدل بسير الأثقال ودبيب الأقدام). لحديث ابن عباس مرفوعا: { يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة بُرُد من مكة إلى عُسْفَان } رواه الدارقطني . وكان ابن عباس وابن عمر لا يقصران في أقل من أربعة بُرُد. قال شيخنا -حفظه الله تعالى- وهذه أدلة الفقهاء في تحديد السفر بأربعة برد. * * * 272\134 (وهي يومان قاصدان..). قال شيخنا -حفظه الله آمين- شيخ الإسلام -رحمه الله- لا يرى تحديد السفر بمدة معينة، وهو يميل في تحديد السفر بالزمان لا المكان. * * * 273\135 (أو أكثر من أربعة، أو أقام لحاجة، وظن أن لا تنقضي إلا بعد الأربعة). قال شيخنا -حفظه الله تعالى- قال شيخ الإسلام -رحمه الله- وله أن يقصر ولو طالت مدته ما لم ينو الإقامة. * * * 274\136 (أو أخَّر الصلاة بلا عذر حتى ضاق وقتها عنها). لأنه صار عاصيًا بتأخيرها عمدا بلا عذر. وقيل: يقصر ... قال شيخنا -حفظه الله تعالى- والقول بالقصر هو الأرجح، وكذا لو خرج وقتها فله القصر. * * *