المكتبة النصية / الصلاة والطواف
قوله: [ويحرم على المحدث الصلاة ] لحديث ابن عمر مرفوعا: { لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول } رواه الجماعة إلا البخاري أخرجه مسلم (1\ 140). . [والطواف] فرضا كان أو نفلا. لقوله -صلى الله عليه وسلم- { الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام } رواه الشافعي صحيح: أخرجه الترمذي (1\ 185)، وابن حبان (998). . الشرح: الدليل على تحريم الصلاة على المحدث حديث ابن عمر { لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول } والشاهد هو أول الحديث، وهذا الأمر مجمع عليه، لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا } الآية . والمراد: إذا قمتم وأنتم محدثون، فالصلاة لا تصح إلا بغسل هذه الأعضاء إذا كان الإنسان محدثا. كذلك يحرم الطواف على المحدث لقوله -صلى الله عليه وسلم- { الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله قد أباح الكلام فيه } وكثير من العلماء يضعف هذا الحديث مرفوعا؛ لأن أكثر الرواة قد رووه موقوفا، فرفعه عطاء بن السائب و عطاء قد اختلط في آخر حياته، وتغير حفظه، ولكن رواه عنه سفيان الثوري وهو ممن روى عنه قديما. فالطواف بالبيت له حرمته، وله قداسته، ولأجل ذلك لا يطوف به الإنسان إلا إذا كان متوضئا متطهرا. فالطواف بالبيت لا يصح إلا مع رفع الحدثين- الأصغر والأكبر- وقد قال سبحانه: { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ } فمن تطهيره تطهر من يطوف به. ولهذا: فالحائض- كما سيأتي- لا يحل لها الطواف بالبيت، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لعائشة { افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري } أخرجه البخاري (رقم 1650)، ومسلم (رقم 1211). . ولما حاضت صفية -رضي الله عنها- قال -صلى الله عليه وسلم- { أحابستنا هي؟ } أخرجه البخاري (رقم 1733)، ومسلم (رقم 1211). فدل على أن الحائض لا تطوف حتى تطهر. ومما يدل على أن الطواف لا يصح إلا من المتطهرين قوله تعالى: { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ } فلما أمر الله بتطهير البيت للطائفين، والقائمين، والراكعين، والساجدين، دلى هذا على أن البيت يطهر، ويتطهر من يدخله. وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أن الطواف بالبيت لا يشترط له الطهارة، ولكن حمله على هذا فتواه بجواز طواف الحائض للضرورة، ولم يجزم بذلك بل حكى هذا القول وذكر ما يدل عليه- أي أن الطهارة ليست بشرط في الطواف- وبين أن الحديث السابق { الطواف بالبيت صلاة... } على فرض رفعه لا يدل على اشتراط الطهارة للطواف؛ لأن المشبه ليس كالمشبه به من كل وجه، فإن الطواف يباح فيه الكلام بخلاف الصلاة، فبينهما فرق انظر كلامه- رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (26\176- 218) ومما جاء فيه (ص 199) (ثم تدبرت وتبين لي أن طهارة الحدث لا تشترط في الطواف، ولا تجب فيه بلا ريب، ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى، فإن الأدلة الشرعية إنما تدل على عدم وجوبها فيه، وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه) . . وعلى هذا فقول الجمهور واضح الدلالة، وهو أن الطواف لا يصح إلا بالطهارة من الحدثين.