المكتبة النصية / صيام المريض والمسافر
والمريض الذي يتضرر بالصوم، والمسافر: لهما الفطر والصيام. صيام المريض والمسافر: قوله: ( والمريض الذي يتضرر بالصوم، والمسافر لهما الفطر والصوم): فإذا قال المريض: إنا يضرني الصوم، ولكنني سوف أتحمل وأصبر على الضرر، جاز له ذلك، وإن كان الأفضل له أن يأخذ برخصة الله. والمسافر له الفطر والصوم فإذا قال: إنا سوف أصوم مع المشقة، ولكني سوف أصبر عليها وأتحمل المشقة للأجر، جاز له ذلك، ولكن الأخذ بالرخصة أفضل. وفيه عدة أحاديث منها حديث أبي موسى وغيره في الرجل الذي كان في سفر فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- زحاما ورجلا قد ظلل عليه، قال: { ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصيام في السفر } رواه البخاري رقم (1946) في الصوم، ومسلم رقم (1115) في الصيام. وفي رواية: { عليكم برخصة الله التي رخص لكم } مسلم رقم (1115) في الصوم. فهذا الرجل صام في السفر ولقي مشقة ولما انتصف النهار، إذا هو متعب، وإذا الناس ينظرون إليه، وقد ظلل عليه تحت شجرة، وكأنه بحاجة إلى من يرشه بماء ومن يأتيه بحاجته، فهذا قد أضر نفسه؛ فلذلك قال: { عليكم برخصة الله } ومع ذلك يجوز، ففي حديث أبي الدرداء الذي في الصحيح قال: { كنا في سفر في حر شديد، حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة } رواه البخاري رقم (1945) في الصوم، ومسلم رقم (1122) في الصيام. فتحمل الصوم في هذا الحر الشديد طلبا للأجر، فدل على أنه يجوز، ولكن عند المشقة الفطر أفضل. وفي حديث جابر في سفر النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة زمن الفتح صاموا ثمانية أيام ومعه عشرة آلاف، كلهم يصومون، ولما وصلوا إلى قديد أو إلى عسفان، قالوا له إن الناس قد شق عليهم الصيام، فعند ذلك أمر بالإفطار، وعلل بأنه أقوى لهم، فقال: { إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم } هذه رواية مسلم رقم (1120) في الصيام، ورواه البخاري بنحوه رقم (1944) في الصيام وفي مواضع أخرى أي: أفطروا حتى تتقووا على قتال عدوكم، فهذا دليل على أن الفطر أفضل إذا كان هناك مشقة، فإذا لم يكن هناك مشقة فقيل إنه بالخيار؛ لحديث أنس قال: كنا نسافر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من به قوة وجلد فإنه يصوم، ومن به ضعف فإنه يفطر رواه البخاوي رقم (1947) في الصوم، ومسلم رقم (1116، 1117، 1118) في الصيام. رواه البخاوي رقم (1947) في الصوم، ومسلم رقم (1116، 1117، 1118) في الصيام. وهذا يظهر أنه في التطوع. وبكل حال نختار أنه إذا كان هناك مشقة على المسافر فالفطر أفضل له، وإذا لم يكن هناك مشقة فالصوم أفضل له، وإن أفطر مع عدم المشقة جاز، وإن صام وتكلف المشقة جاز.