الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / الإعلام بكفر من ابتغى غير الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم      الحمد لله الذي خلقنا للعبادة، ونفذ فينا تصرفه ومراده، ووفق من شاء من خلقه لتوحيده .وإفراده، وخذل آخرين ورماهم بطرده وإبعاده، أحمده سبحانه وأشكره، وقد وعد الشاكرين بالزيادة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهي أفضل شهادة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه وأحفاده. أما بعد أصل هذه الرسالة مقالة كتبها فضيلة الشيخ ردا على من سمى نفسه عبد الفتاح الحايك الذي حكم للكفار جميعا بأنهم من أهل الجنة، وقد نشر هذا الرد في بعض الصحف المحلية. ولأهمية الموضوع فقد قمت بالعناية به وذلك بتخريج الأحاديث وعزو الآيات ثم أضفت في آخر الرد بعض الأسئلة المتعلقة بالفترة وأحكامها وقد أجاب عليها فضيلته بأجوبة مفصلة فجزاه الله خير الجزاء ونفع الله بعلمه وأسأله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة وأن يرد ضال المسلمين إلى الحق وأن يسلمهم من الأفكار الضالة المنحرفة إنه سميع مجيب (أبو أنس). :      فقد قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } ومعنى (يعبدون) يوحدون، أي أنه تعالى أوجد هذا النوع من الإِنس والجن، وكلفهم وأمرهم ونهاهم، وقد أقام عليهم الحجة، حيث آتاهم العقول التي يحصل بها التفكر والإدراك، ونصب لهم الآيات البينات، التي يحصل بالنظر فيها التذكر والاعتبار، فسخر لهم الليل والنهار، والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ومطر ونبات، وأرزاق وأقوات، وجموع وأشتات، وإخوان وأخوات، وآباء وأمهات، وأبناء وبنات، وآيات بعد آيات.      وقد لفت أنظارهم إلى هذه المخلوقات، فقال تعالى: { أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا } الآيات، وقال تعالى: { أفلم يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } الآيات، وقال تعالى: { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } الآية، ونحو ذلك من الأدلة والبراهين. وقد انتبه لذلك بعض العقلاء في الجاهلية والإسلام، وعرفوا أن هذا الكون لا بد له من خالق مدبر متصرف، فقد ذكر المؤرخون خطبة قس بن ساعدة الإيادي الجاهلي قصة قس بن ساعدة الإيادي ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية (2/214-220)، وقد ذكر لها عدة طرق، ثم قال: وهذه الطرق على ضعفها كالمتعاضدة على إثبات أصل القصة، وقد تكلم أبو محمد بن دستوريه على غريب ما وقع في هذا الحديث وأكثره ظاهر إن شاء الله تعالى، وما كان فيه غرابة شديدة نبهنا عليه في الحواشي. ثم قال: قال البيهقي: وإذا روي الحديث من أوجه أخرى وإن كان بعضها ضعيفا دل على أن للحديث أصلا والله أعلم. والذي ذكر فيها: أن لله دينا هو أحب من الدين الذي هم عليه، ونبيا قد حان أجل خروجه، وهكذا ذكروا قصة زيد بن عمرو بن نفيل قصة زيد بن عمرو بن نفيل ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية: (2/221-226). قال ابن كثير: كان زيد بن عمرو قد ترك عبادة الأوثان وفارق دينهم وكان لا يأكل إلا ما ذبح على اسم الله وحده، وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهرا إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والذي نفس زيد بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري. وكان يصلي إلى الكعبة ويقول: إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم. وكان يحيي الموءودة، ويقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها ادفعها إلي أكفلها، فإذا ترعرعت فإن شئت فخذها وإن شئت فادفعها. الذي ترك عبادة الأصنام، وحرم أكل ما أهل به لغير الله، وهو جاهلي، وغيره كثير . وفي ذلك يقول ابن المعتز نسبه صاحب الوفيات (7/138) إلى أبي نواس، وأما أبو الفرج فقد نسبه في أغانيه (4/35) إلى أبي العتاهية إسماعيل بن القاسم. انظر العقيدة الطحاوية للقاضي علي بن أبي العز، تحقيق التركي والأرناؤوط: (1/46). : فيا عَجَبـا كَيْـفَ يُعْصـى الإِلَـهُ أَمْ كَيْــفَ يْجحـدُهُ الجاحِـدُ وفـي كُـلِّ شــيءٍ لـهُ آيَــةٌ َ ََتَـدُلُّ عَلَى أَنَّــهُ وَاحِـــدُ وَلَـــهُ فــي كُلِّ تَحرِيكَـــةٍ َ َوَتَسْـكِينَةٍ أَبــَدا شَـاهــِدُ ويقول آخر: تَأَمَّل فـي نَباتِ الأَرضِ وانظـر إِلـى آثَـارِ مَـا صَنَعَ الملِيـكُ عُيُـونٌ مِـنْ لُجيـن شَاخِصَاتٌ َبـأحدَاقٍ هِيَ الذّهـبُ السَّبِيـكُ على قُضُـبِ الزَّبَرْجَـدِ شَاهِدَاتٌ َبِـأَنَّ اللـه لَيْـسَ لَـهُ شَرِيـكُ      ومع هذه الآيات والبينات، فإن ربنا سبحانه لم يتركنا هملا، بل أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبَيَّنَ للناس ما نزّل إليهم، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، قال الله تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } .      وورد في الحديث عن زيد بن ثابت و أُبي بن كعب مرفوعا: { لو أن الله عذَّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع من أعمالهم } رواه أحمد وغيره أخرجه أبو داود برقم (4699) في السنة، باب: "في القدر". وابن ماجه برقم (77) في المقدمة، باب: "في القدر". وأحمد في المسند: (5/185، 189) من حديث زيد بن ثابت وأبي بن كعب رضي الله عنهما. .      وحيث إن جميع نوع البشر خلقوا للعبادة، فإن فرضا عليهم أن يدينوا لله تعالى بالتوحيد، ولنبيه - صلى الله عليه وسلم - بالطاعة، فمن أطاعه وشهد له بالرسالة وتقبَّل شريعته فهو من أهل الجنة، ومن عصاه ودان بغير الإسلام فهو من أهل النار.      وقد ختم الله الرسالة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجعل دينه وشريعته آخر الشرائع، وأرسله إلى جميع الناس بل إلى الثقلين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: { كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى } رواه البخاري أخرجه البخاري برقم (7280) في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: "الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم". من حديث أبي هريرة. .     وقد سلط الله على الإنسان أنواعا من الأعداء كالشياطين، قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا } أي تدفعهم إلى التمادي في الكفر وتصدهم عن الهدى، وكالنفس الأمَّأرة بالسوء والنفس اللوامة، وكالهوى الذي يُعمي ويصم، وكالشهوات التي تغري بتناولها من يميل إليها، ولو كانت محرمة أو ضارة بالعقل والدِّين.      وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: { حفت الجنة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات } متفق عليه أخرجه البخاري برقم (6487) في الرقاق، باب: "حجبت النار بالشهوات". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكارة". ومسلم برقم (2822) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، واللفظ له.  فلأجل ذلك لا يستغرب قلة من يعتنق الإسلام ويدين به، ولو كان هو دين الفطرة، ودين العقل السليم، لكن لوجود الصوارف عنه صار أهله قلة في غيرهم، وكثيرا ما يذكر الله عن الأكثرين قلة التعقل والعلم، كقوله تعالى: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } .      وقد كنت كتبت مقالة كرد على شخص نشر مقالة يبرر فيها الأديان التي يدين بها المشركون واليهود والنصارى والهندوس وغيرهم، ويستبعد أن يعذبهم الله بالنار، وقد نشرت تلك المقالة في بعض الصحف المحلية، فأحب بعض الإخوان طبعها والزيادة عليها في رسالة صغيرة، فأجبته إلى ذلك لتعم الفائدة، والله الموفق والمعين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين