الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / تفسير آيات الأحكام من سورة النور

............................................................................... ‌وهو أن يشدد الذي يجلد فيأخذ سوطا جديدا ويضربه ضربا قويا، ولا يرحمه يعني لا يأخذه به رأفة ورقة وشفقة عليه إلا أنه لا يشدد حتى.. يشق جلده، أو يؤدي إلى موته، بل لا يصل إلى مثل هذا. وكذلك شُرع أن يُفَرق على جسده، أن يضربه على ظهره وعلى جنبيه وعلى كتفيه، وعضديه وعلى فخذيه وساقيه. ولا يضربه على المَقَاتِل؛ فلا يضربه على الفرج ولا على البطن ولا على القلب وما أشبه ذلك؛ لأن القصد في ذلك إيلامه، وليس القصد قتله. ولكن لو قدر أنه مات بسبب هذا الجلد، تألم حتى مات؛ فإنه ورد في بعض الأحاديث أو الآثار { من مات في حد فالحق قتله } إذا مات في حد من الحدود فما قتل إلا بحق. "الحق قتله". فلا يقاد.. الذي أقام عليه الحد؛ لأنه متبع ولأن الله قال: { وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ } ولكن لا ينبغي له أن يتعمد. من التعمد مثلا أن يقتله؛ يعني يقصد قتله. يعني يضربه في بطنه فيشق أمعاءه، أو كذلك على قلبه وصدره، فيؤلم قلبه ويؤلم رئته ويؤلم كبده؛ مما يؤدي إلى تعطل منافعه أو ما أشبه ذلك. كذلك أيضا يفرق الضرب؛ فإنه لو جمعه حده على موضع واحد فقد يشق الجلد، أو قد يعطل ذلك العضو؛ فلذلك يؤمر بأن يفرقه؛ ولأن القصد كما ذكرنا أن يتألم جسده جميعه؛ فإن هذا الجسد تلذذ بهذه المعصية؛ فكان من المناسب أن يتعذب جميعه بهذه العقوبة؛ إلا ما نهي عن تعذيبه أو عن ضربه. هذا معنى { وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ } ؛ أي رقة وشفقة، تشفق عليهم؛ لأن بعض الذين يجلدون لا يجلده إلا برأس السوط، ولا يرفع يده. إنما يجلده جلدات خفيفة، كأنه يريد لمسه، وهذا يخالف ما في هذه الآية { وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ } ؛ بل شددوا عليهما في هذا الجلد.