الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / إضرار أهل الجاهلية بالأنثى

كان من أمر الجاهلية أنهم يقتلون أولادهم، ويقتلون بناتهم؛ أما قتل الإناث فإنهم كانوا يقتلونهم خشية العار، يخشون أن الأنثى إذا كبرت وزنت وحملت؛ أدخلت عليهم من ليس منهم، فيكون ذلك مسبة وعارا، فيقتل بعضهم الإناث، قال تعالى: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ َ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } . فجاء الإسلام بالنهي عن هذا، وقال: { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } قرأها بعضهم: "إن قتلهم كان خَطَأً كبيرا". فبين لهم أن هذا من الجهل، وأن هذا من الخطأ، وأن الله تعالى هو الذي تكفل برزقهم، وهو الذي يرزق من يشاء، ويبسط الرزق لمن يشاء، ويقدره على من يشاء، فهذا من أمر الجاهلية. كان من أمر الجاهلية أيضا أنهم يضرون الإناث، فكانت المرأة مضطهدة عندهم؛ فلا يعطونها شيئا من الأموال، ولا من التركات، وما أشبه ذلك، ويقولون: إنما يأخذ المال من يقاتل الرجال، ومن يكسب الأموال، فلا يعطون الإناث؛ فجاء الإسلام، وفرض لهن حقا في تركة الآباء، قال تعالى: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } . يعني: أولادكم، وأخواتكم لهن حق في التركة؛ فأعطوا كلا نصيبه، كانت المرأة أيضا مضطهدة عندهم يعاملونها معاملة سيئة؛ بحيث إنه إذا مات زوجها؛ أدخلوها في حفش صغير، يمكن أن ارتفاعه قدر متر وسعته قدر متر ونصف أو مترين، تجلس فيه سنة كاملة، في هذه السنة ما تخرج، ولا تشم الهواء، إلا ما يدخل من خلال ذلك الحفش، الذي هو معمول من أعواد، أو نحوها، ثم في هذه المدة أيضا لا تغتسل؛ لا تغتسل طوال هذه المدة، ولا تتنظف، ولا تنظف شعر رأسها، حزنا على زوجها في نظرهم، وإذا انتهت السنة؛ خرجت، ورمت ببعرة على رأس الحول، كأنها تقول هانت علي هذه السنة كسهولة هذه البعرة، ثم إنها تفتظ بدابة، وقل ما تفتظ بدابة إلا ماتت من نتن ريحها، هذا أيضا من إلزامهم للمرأة وإضرارها. ومن الأمور الجاهلية كذلك أيضا إذا مات الرجل، وله أولاد وله زوجة، ليست هي أم أولاده؛ فإن ولده يحجرها، فإما أن يعضلها حتى تدفع له المهر الذي أخذته من والده، وإما أن يتزوجها بلا مهر فأبطل الله تعالى ذلك كله. ومع ذلك؛ فإن بعض هذه العادات وجدت في كثير من المسلمين، ظلم المرأة وعدم إعطائها حقها، وكذلك أيضا كان من عادتهم أن الرجل يحجر على المرأة التي هي قريبة له أو نحوها، ويمنعها أن تتزوج بغيره، ولو كرهته، وذلك من أمر الجاهلية، وجد أن كثيرا من العرب لا يورثون الإناث، يحرمونهن من حقهن، ووجد أيضا أن كثيرا منهم يمنعون المرأة أن تتزوج بغير ذلك الرجل؛ فيحجرون عليها إلى أن تتزوج بالزوج الذي يريدونه، وإن كانت كارهة له، فهذا من أمر الجاهلية. كذلك أيضا وجد أن كثيرا منهم يعضلون النساء، كما قال الله تعالى: { لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } إذا كره الرجل امرأته حبسها، ومنعها من الزواج ومنع حقها عليه، وأضر بها، ويقول: لا أطلقها، ولو بقيت عشر سنين أو عشرين عاما، هذا من أمر الجاهلية.