الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / من شروط الصلاة: التمييز

وأما الشرط الثالث: فهو التمييز وضده الصغر، الصغير لا شك أنه مستعد لأن يؤمر وينهى، ولكن في حالة صغره لا يكلف ولا يميز، ولكن مسئولية تربيته على أبويه فإنهما اللذان يلقنانه ويعلمانه ما ينفعه، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - { كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه } بمعنى: أنه يولد سليم الفطرة إذا تلقى شيئا فإنه يوافق الفطرة التي فطر خلق عليها، ولكن إذا تولاه الأبوان وهما كافران تربى على الكفر الذي لقي عليه أبويه، وكذلك إذا تربى على بدعة ظهر مبتدعا هذه عادة، إلا أن يهديه الله –تعالى- ويسلم، أو يلزم السنة بعد ذلك فهذا فضل من الله وتوفيق منه. وإذا كان كذلك فإن على الأبوين تربية أولادهما تربية صالحة، فيربونه ويعلمونه في حالة صغره، يعلمونه العقيدة، من ربك يا ابني؟ بأي شيء عرفت ربك؟ ولأي شيء خلقك الله؟ ما أول شيء فرض الله عليك؟ كيف تكون مسلما؟ ما دين الإسلام؟ وما معرفة دين الإسلام؟ ما أركان الإسلام؟ وما واجبات الإسلام؟ ما أركان الإيمان والإحسان؟ يعلمونه ذلك مبدئيا من حين يفهم ومن حين يتكلم في السنة الثانية والثالثة والرابعة وما بعدها، ويعلمانه ما حرم الله عليه، ويبينان له أن المحرمات يعاقب عليها، وأن الله –تعالى- هو الذي حرمها وتوعد عليها، وأن الله عنده جنة ونار أعد الجنة لمن عمل خيرا، وأعد النار لمن عمل الشر أو عمل الكفر. ويحذرانه من المحرمات التي إذا انغمس فيها وهو صغير صعب بعد ذلك تخليصه صعب تخليصه منها، فيبعدانه عن سماع الأغاني، وعن النظر إلى الصور القبيحة سواء كانت في صحف أو في أفلام، وكذلك أيضا يحذرانه من الأشربة المحرمة، كالخمر والدخان وما أشبهها، فإذا نشأ على ذلك نشأ نشأة صالحة ونفعه تعليمه، وكذلك أيضا يكتب الله أنه من أهل الخير، وينفع أبويه في حياتهم، وبعد وفاتهم يكون يزود أبويه بالدعاء، بالدعاء لهما ويقول مثل ما قال الله { وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } . فإذا بلغ سن التكليف فإنه يُلزم، يلزم بالعبادة وبلوغه يكون بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بالإنزال أو الاحتلام، فإذا بلغ كلف وأمر بأن يمتثل العبادة وعوقب كما يعاقب الكبير على تركها والتساهل فيها. ومع ذلك فإنه يعلم عند التمييز العبادة حتى يألفها، فإذا عقل كان ابن ست سنين أو ابن سبع سنين فإنه يفهم، ففي هذه الحال يعلم كما أنه ينتظم في المدرسة الابتدائية أو الروضة فإنه كذلك أيضا يُعلم ما يلزمه في الدين يتربى على ذلك ويحبه، فيعلمونه صفة الطهارة ونواقضها، ويعلمونه صفة الصلاة، وعدد الصلوات، وما يلزمه فيها، فإذا تعلمها ونشأ على محبتها في صغره ألفها بعد ذلك صارت سهلة عليه، وأما إذا ترك يلعب مع اللاعبين ويمرح ويسرح ويذهب ويجيء بدون فائدة أو ترك مكبا على الصور وعلى الأفلام وعلى الصور السخيفة لا يعرف غيرها؛ فإنه يقسو قلبه، فإذا بلغ وإذا هو قد ألف سماع هذه المحرمات، والنظر إلى هذه الملهيات ولم يعرف الصلوات، ولم يعرف المساجد، وإنما عرف أماكن اللهو وأماكن اللعب، فيصعب بعد ذلك تقويمه، وتثقل عليه العبادة: كالصلاة، والصوم، والذكر، والقراءة، ونحوها . فلذلك جاء الحديث بأمرهم صغارا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - { مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع } مروا أولادكم بالصلاة لسبع الأمر هاهنا أمر تعليم إذا بلغ السابعة يؤمر بالطهارة، ويؤمر بالصلاة، ويؤتى به إلى المسجد، ويعلم الطمأنينة، ويعلم القراءة التي تلزمه في الصلاة، وما أشبه ذلك، فإذا تم العاشرة فهنالك يضرب إذا تأخر ضرب تأديب لا ضرب تعذيب يُنفر. هذه الشروط الثلاثة الإسلام، والعقل، والتمييز، شروط للطهارة، وشروط للصلاة، وشروط للتيمم، وشروط للاغتسال، وشروط للزكاة، وشروط للصيام، وشروط للحج، لا بد منها في كل هذه العبادات، أما الشروط الباقية للصلاة فإنها تختص بالصلاة، إلا شرط النية فإن النية لازمة في كل العبادات.