الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / محاضرة بعنوان درس الحج

فصل: أركان الحج أربعة. إحرام، ووقوف، وطواف، وسعي . السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه. ذكر أن أركان الحج أربعة : الإحرام، والوقوف، بعرفة والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة وأخذت هذه الأركان بالاستقراء، والتتبع للأدلة. وركن الشيء: جانبه الأقوى، كأركان البيت، يعني جوانبه التي يقوم عليها فهي بمنزلة الأسس، والحيطان التي يتكون منها الشيء. ذكر بعضهم أن ركن الشيء جزء ماهيته ، أي بعض منه. أركانه يعني أجزاؤه التي يتكون منها، فيقولون: إن الحج يتركب من هذه: من الإحرام، ومن الوقوف، والسعي، والطواف، أجزاؤه التي يتكون منها. فأما الإحرام فإنه نية النسك، وهو نية. وأما التجرد فإنه علامة، فليس كل من لبس إزارا ورداء يكون محرما، وليس كل محرم يلزمه أن يلبس إزارا ورداء خاصين، بل يصح الإحرام بالنية، وحينئذ يجتنب محظورات الإحرام، ومنها لباس المخيط، وتغطية الرأس كما تقدم. فالإحرام هو النية، واللباس علامة عليه. كذلك الإحرام له محظورات -كما تقدم- ويلزم أن يكون متصفا بالإحرام إلى أن يتحلل منه بفعل أسباب التحلل. أما الوقوف فالمراد به الوقوف بعرفة ولا بد منه، لا بد منه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- { الحج عرفة } ومعناه أن الركن الأعظم الذي يفوت هو الوقوف بعرفة فإذا فات الوقوف فات الحج، فلذلك يصير هو الركن الذي يُهتم به، ويُسعى إليه، الركن الذي هو ركن الوقوف بعرفة ثم الطواف بالبيت ركن دليله قول الله تعالى: { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } والمعنى أن الذي يحرم بحج أو بعمرة لا بد أن يطوف، أن يطوف بالبيت الطواف المشروع الذي هو سبعة أشواط بنية أنه طواف الزيارة، أو طواف الإفاضة، فلا بد من الإتيان به، وهو لا يَفوت؛ وذلك لأنه يمكن تأخيره، فيمكن أن يؤخر الطائف الزيارة إلى اليوم العاشر، أو الخامس عشر؛ يعني الأفضل أن يكون في اليوم العاشر، ولو أخره إلى الخامس عشر، أو إلى العشرين أو إلى آخر الشهر فإنه لا يفوت، ولكن تقدم أنه لا يحصل التحلل إلا به. التحلل الذي هو الحل كله، يعني أن يحل له كل شيء حتى النساء، لا يحل إلا بعد الطواف، والسعي فهو ركن أساسي. أما السعي فيراد به السعي بين الصفا والمروة قد ذكره الله –تعالى- في قوله: { فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } يعني يسعى. هذا قد يفهم من الآية أنه ليس بواجب، أن الله قال: لا جناح عليه، كأن المراد: لا جناح عليه إن سعى، ولا حرج عليه إن سعى، فلا يفيد ذلك وجوب السعي. وقد أشكل ظاهر الآية على عروة بن الزبير فسأل خالته عائشة فأفهمته أن السعي واجب ولازم، وأنه لو كان غير واجب لقال: فلا جناح عليه ألا يطوف؛ وذلك لأن الصفا والمروة جعلا من شعائر الله، وشعائر الله لا بد لها من عبادة، وكل مشعر فلا بد له من عبادة تؤدى فيه. ففي ذلك دليل على أن كل مشعر فإذا حج، أو اعتمر فلا بد أن يأتي فيه بعبادة، وهذه العبادة هي السعي، وذهب بعض العلماء إلى أنه من الواجبات. والواجبات تجبر بدم ، يعني من ترك السعي للحج، أو العمرة كفاه أن يذبح دما، ولكن العمل على أنه ركن، لا يتم الحج ولا العمرة إلا به، فإن فات أو تركه ولم يمكن الإتيان به جُبر بدم على القول الثاني، نعم.