المكتبة النصية / كراهية السلف لتعليق التمائم كلها
ذكر بعد ذلك حديث أو أثر إبراهيم ؛ إبراهيم بن يزيد النخعي من أصحاب ابن مسعود من صغار أصحاب ابن مسعود قد يروي عنه بواسطة أبي وائل أو بواسطة علقمة أو بواسطة الأسود أو نحوه يقول: كانوا يكرهون التمائم كلها؛ من القرآن وغير القرآن، يحكي عمن كانوا أصحاب ابن مسعود ابن مسعود -رضي الله عنه- كان له تلاميذ في الكوفة قرءوا عليه، واختصوا به، وصاروا من الثقات العدول، وتتلمذوا أيضا على عائشة وتتلمذوا على ابن عباس وابن عمر وعلي وغيرهم؛ ولكن كان لهم خصوصية بابن مسعود فمنهم الأسود وعلقمة وإبراهيم وأبي وائل ونحوهم يسمون أصحاب ابن مسعود ؛ فكثيرا ما ينقل عنهم إبراهيم يقول: كانوا يقولون كذا، كانوا يفعلون كذا، يريد بذلك تلامذة ابن مسعود ومعلوم أيضا أنهم أخذوا ذلك عنه؛ لأنهم تتلمذوا عليه كثيرا؛ فلذلك كانوا يقتدون بأقواله وبأفعاله؛ وذلك لقدم صحبته، ولفضله، ولكثرة علمه. روي أن عمر -رضي الله عنه- سأله عن مسألة فأجاب فيها، ثم مدحه بقوله: كنيف ملئ علما؛ أي: وعاء مملوء علما. فدل ذلك على أن أصحاب ابن مسعود أخذوا عنه أنهم يكرهون التمائم كلها، فالسلف يطلقون الكراهة على التحريم، الكراهة التي هي كراهة تنزيه هذا اصطلاح عند الفقهاء، حيث قسموا الأحكام إلى خمسة أقسام: إلى واجب، ومستحب، ومباح، ومكروه، وحرام، ولكن السلف يطلقون الكراهة على التحريم، قد جاء ذلك أيضا في القرآن قال الله تعالى في آيات من سورة الإسراء يقول قال: { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ } { وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ } { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ } { وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا } ثم قال بعد ذلك: { كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } فمعلوم أن هذه محرمة؛ فدل على أن الكراهة تطلق على التحريم، فابن مسعود يرى أن هذه التعاليق كلها محرمة من القرآن وغير القرآن. قد ترجح لنا تحريم التعاليق إذا كانت من القرآن؛ لما ذكر العلماء من هذه الأدلة، تجدون التوسع في ذلك في: " تيسير العزيز الحميد "، وفي: " فتح المجيد "، وفي سائر الشروح التي خدمت هذا الكتاب، والله أعلم، وصلى الله على محمد .