المكتبة النصية / النهي عن البناء على القبور
وقد حسم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأسباب التي تدعو إلى أن يجعل مع الله معبود أيا كان ذلك المعبود، وخاف على أمته أن يقعوا في الشرك كما وقع فيه الأولون؛ فلذلك حرم وسائله؛ وذلك لأن الوسائل لها أحكام في المقاصد، فقد نهى عن البناء على القبور، لماذا؟ لأنه إذا بني على القبر بناية وارتفع بها؛ ظن العامة أن لهذا المقبور خصوصية؛ فتوجهت إليه قلوبهم، وسألوا من صاحب هذا القبر؟ هذا يمكن أنه ولي، ما رُفع قبره وبنيت عليه هذه البناية الرفيعة إلا وله شأن وله مكانة؛ فينخدعون به؛ لأن العامة لا يتصورون أو لا يستحضرون الأدلة التي يعرف بها أنهم مخلوقون، وأنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا. فلذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبنى على القبور، ونهى أن تجصص، ( الجص ): هو هذا التشييد الأبيض، إذا جصص القبر وأصبح يلمع بياضا خيل إلى من رآه، أنه قبر ولي أو سيد؛ فتوجهت إليه هممهم؛ فلذلك نهى عن تجصيص القبور ،كذلك أيضا نهى عن البناء عليها، يعني أن يكتب عليها كتابة وأن يبنى عليها، وأن تجصص، كل هذه نهى عنها ، عن إسراجها، وعن تجصيصها، وعن الكتابة عليها، وعن رفعها، والبناء عليها؛ فهذه هل تكون شركا ؟ لا تكون شركا بنفس الفعل، ولكن تكون وسيلة من الوسائل التي تدعو العامة إلى الغلو فيها؛ فلذلك نهى عنها، ولا شك أن من بنى عليها أو اتخذها مسجدا؛ فإنه قد استحق العقوبة.