الموقع الرسمي لسماحه الشيخ

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

المكتبة النصية / أمثلة للغلط الذي يقع فيه بعض الرواة

فمثل بحديث { كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار } مشهور هذا الحديث، ومع ذلك رجح أن فيه علة، وأنه تفرد به هذا الراوي، وأنه أخذه من الحديث الذي فيه أنه { رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة فنودي للصلاة فألقى السكين وقام ولم يتوضأ } فأخذ من هذا الحديث حديثا آخر { كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار } وأحاديث كثيرة بين فيها غلط بعض الرواة، فتوسع في ذلك أيضا الدارقطني في كتابه المطبوع الذي استوفى فيه ما يتعلق بطرق الحديث وبالأحاديث التي فيها علل، وذكر أنه أملاه إملاء لم يكتبه وإنما أملاه من ذاكرته وكان حافظا. يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، فيقال: هذا الحديث فيه علة خفية ظاهرة أو خفية وتتجلى لغيره قادحة فيه. ومن ذلك ذكروا أن مسلما رحمه الله جاء إلى البخاري وسأله عن حديث كفارة المجلس، فقال البخاري إن فيه علة خفية وظاهره الصحة، ثم ذكر أن فلانا رواه ووقفه وأن الموقوف أشهر. يقول: يعرف بسبب ظاهر كما عرفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، وذلك لأن ابن عباس مع أن ميمونة خالته، ثبت في الصحيحين أنه قال: تزوج ميمونة وهو محرم. هكذا قالوا: واستدل بهذا الحنفية على أن المحرم يجوز أن يتزوج وأن ينكح ويعقد، وخالفهم الجمهور، وصححوا أن هذا الحديث غلط؛ فإن ابن المسيب يقول: وهم ابن عباس وإن كانت خالته. وثبت في صحيح مسلم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، وماتت في .. . وكذلك ثبت أيضا في حديث أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وكنت الواسطة بينهما. ذكر أنه ما عقد عليها إلا بعدما تحلل؛ وذلك لأنه قدم مكة في سنة سبع محرما فطاف وسعى ثم بعد ذلك تحلل ونحر هديه. ثم خطب ميمونة وعقد له عليها بعدما تحلل، وابن عباس في ذلك صغير يمكن أن عمره عشر سنين؛ لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، فعمره عشر سنين، يمكن أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إن كان قد اعتمر معه؛ لأنه لم يكن قد هاجر، يمكن أنه رآه وعليه لباس الإحرام؛ لأن لباس الإحرام في ذلك الوقت كان معتادا، يعني لباس الإزار كان معتادا يلبسه المحرم وغير المحرم. ويمكن أيضا أنه لما رأى الهدي لم ينحر ظن أنه لا يزال محرما؛ فلذلك قال ابن المسيب وهم ابن عباس . يقول: نعتقد أيضا أنه صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ركعتين، وروي عن ابن عباس أنه لم يصل، وهذا أيضا من غلطه؛ وذلك لأنه دخل معه بلال وأسامة وعثمان بن طلحة، وجاء ابن عمر فسأل بلالا أين صلى؟ فذكر أنه صلى بين العمودين، فثبت أنه صلى، فابن عباس غلط في ذلك. وكذلك يتحقق أنه اعتمر أربع عمر؛ عمرة الحديبية وإن لم يتمها، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، وعمرة مع حجته. إن قول ابن عمر اعتمر في رجب وقع فيه غلط أنكرته عليه عائشة وهو يسمع، وسكت ولم يقل شيئا. وعلموا أيضا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع، يعني في حجة الوداع تمتع، وذلك أن المتمتع يدخل فيه القارن والمعتمر، وهو قارن والقارن يسمى متمتعا، وكذلك أمر الصحابة أن يتمتعوا . قول عثمان لعلي كنا يومئذ خائفين غلط من بعض الرواة، ليس هناك خوف وهي حجة الوداع. وما وقع في بعض طرق البخاري أن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقا هذا أيضا غلط؛ لأن الله لا يعذب قوما بغير ذنب، هذه أمثلة للغلط الذي يقع فيه بعض الرواة، ذكر ذلك استطرادا.