المكتبة النصية / تشريف مكة وتحريمها لأنها محل بيت الله الحرام
لما أن الله شرفها أن جعلها محل بيته الذي أمر بتطهيره. أمر بذلك إسماعيل وأباه في قوله تعالى: { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } وقال في سورة الحج: { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } فشرفت مكة بهذا البيت . ولما شرفت به جعلت مكة كلها ذات شرف، وجعلت حرما؛ أي لها حرمة ليست لغيرها، وجعلت آمنة سماها الله تعالى آمنة في قوله تعالى: { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } ؛ يعني الذي يأمن أهله. فلما كان كذلك عرف بذلك فضيلته، فيبدأ الحاج عمله بطواف القدوم، ويختم الحاج عمله بطواف الوداع؛ حتى يعرف بذلك مكانة هذا البيت . الطواف معروف أنه لا يكون أقل من سبعة أشواط. يبدأ من الحجر يحاذي الحجر بكل بدنه، ثم يدور عليه، فكلما حاذى الحجر عد ذلك شوطا إلى أن يتم سبعة أشواط. وليس محاذاته ركوب الخط الأسود الممتد إلى جهة الشرق والجنوب، بل إذا قرب منه. فلو كبر قبل أن يصل الخط بمتر أو مترين، أو بعدما يتجاوزه بمتر أو مترين؛ صدق عليه أنه حاذاه؛ وذلك لأن الحجر ظاهر يعني علَنا أنه قد يحاذيه، وليس شرطا أن يكون على ذلك الخط الدقيق الذي لا يزيد مثلا عن عشرة سنتيمتر أو عشرين سنتيمترا، فهكذا يكون الطواف. قد عرفنا أن الطواف بالبيت عبادة شريفة عبادة ذات شرف، وأن الإنسان يقصد بطوافه عبادة الله تعالى؛ بمعنى أنه يعرف أن هذا الطواف تعظيم لله، ليس هو عبادة للبيت الذي هو طين وحجارة ونحوها، وإنما هو عبادة لله تعالى؛ ولهذا قال: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ } . تعظيم البيت تعظيم لله تعالى وليس لعبادة البيت فالذين يعظمون البيت يعتقدون أن البيت هو الذي يعظم قد وقعوا في الشرك أو في مقدماته. ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالبيت فقد كانوا يقولون: والكعبة فقال: { لا تقولوا: والكعبة وقولوا: ورب الكعبة إذا حلفتم فقولوا: ورب الكعبة } . وأما قول أبي طالب كذبتـم وبيـت الله نفـدي محمـدا ولمـا نقــاتل دونــه وننـاضل فإن هذا في الجاهلية. كانوا يحلفون في الجاهلية بكثير من الأصنام كقولهم: واللات والعزى فأبو طالب مات على ملة عبد المطلب مات على الشرك فلأجل ذلك لا يقتدى بقوله: كذبتـم وبيـت الله ............... ..................................... وكذلك المشركون الذين يقولون: والكعبة ونحوهم. إنما التعظيم للكعبة تعظيم لله، وهذا أيضا تعظيم شعائر الله في قوله تعالى: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ } { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ } تعظيمها هو عبادة الله بما أمرنا أن نتعبده فيها من الأعمال. إذا عرفنا أن هذه الأعمال مؤقتة فيها فذلك من تعظيمها؛ يعني تعظيم الكعبة بالطواف بها عبادة لله، وتعظيم السعي أو الصفا والمروة بالطواف الذي أمرنا به، وكذلك تعظيم منى ومزدلفة والجمرات وعرفات تعظيمها إنما هو بالعبادة التي أمرنا بأن نتعبد بها فيها. هذا معنى قوله: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ } { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ } فحرمات الله تعالى محارمه. يعني يتوقف عما حرم الله تعالى، وبالأخص إذا كان لها مزية كما في هذه البلد التي جعلها تعالى بلدا محرمة، وأكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله تعالى لا يُختلى خلاها، ولا يقطع شوكها ولا يعضد شجرها، ولا يحل لمسلم أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة ولا تلتقط ساقطتها إلا لمعرف } . يعني أن هذه من حرمة مكة أن الشجر الذي نبت بإنبات الله تعالى لا يجوز قطعه، فقال العلماء: إن من قطع شجرة صغيرة فعليه دم فعليه شاة. ومن قطع شجرة كبيرة وهي التي لها ظل يمكن أن يستظل بها؛ فإن عليه بدنة. وكذلك الخلا يعني الحشيش { لا يختلى خلاها } يعني لا يحش حشيشها؛ النبات الذي ينبت على الأرض بل يترك للبهائم ترعاه، فإذا حشه أحد فعليه قيمته، عليه أن يتصدق بقيمته التي يساويها. وكذلك { لا تلتقط لقطتها } من وجد ساقطة؛ مالا ضالا ساقطا من صاحبه فلا يلتقطه، بل يتركه حتى يأتيه صاحبه، ولا يجوز التقاطه لكن إذا خشي عليه أن أحدا يأخذه ويخفيه فإنه يأخذه للتعريف، وإذا لم يعرف فإنه يجعل في رتاج الكعبة يعني في نفقة البيت وما يصلحها. ولا يقال: إن هناك لصوصا، وهناك سراق كثيرون. نقول: صحيح أن هناك من يختطف الأموال، بل هناك من يبطُ الجيب ويأخذ ما فيه من النقود، يهتبل غفلة الإنسان في حالة الطواف ونحو ذلك، فيشق مخبأه ويأخذ نقوده أو ماله الذي فيه، فمثل هؤلاء لصوص؛ إذا وجدوا فإنها تقطع أيديهم، يدخلون في السراق في قول الله تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } . يقول العلماء: إنه يقتل أي إنه يقطع الطرار. الطرار هو الذي يشق الثوب، ويأخذ ما فيه من النقود، إذا عثر عليه فإنها تقطع يده جزاء كما ذكر الله. فالواجب أن تعرف حرمة البلد، وأن من سقط منه شيء أو ضل منه متاع؛ وكان مما تتبعه همة أوساط الناس؛ يعني له قيمة كخمسة دراهم أو عشرة دراهم أن نتركها في مكانها لعل صاحبها أن يأتي إليها. أما إذا عرف أن هناك لصوصا يختطفونها ويكتمونها؛ فله أن يأخذها ويعرفها؛ رجاء أن يعثر على صاحبها. فالحاصل أن هذا كله دليل على حرمة البيت وحرمة مكة وحرمة الحرم كله؛ حتى يكون لهذا البلد وقع في النفوس؛ فلا يجوز لأحد أن يعتدي فيه، ولا أن يسفك فيه دما، ولا أن يعتدي فيه على عرض، ولا أن يتجرأ فيه على معصية ولا أن يهم بها، بل قد ذهب بعض العلماء إلى أن الهم بالمعصية يعاقب عليه ولو لم يفعلها، واستدلوا بقول الله تعالى: { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } فنعرف مكانة هذا البيت وحرمته، ونعرف مكانة هذا البلد، ونجتهد في تعظيم حرمات الله كما أمرنا الله تعالى. نسأل الله أن يختم لنا حجنا بقبول حسن، وأن يجعل حجنا حجا مبرورا، وعملنا صالحا مشكورا؛ إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، والله أعلم، وصلى الله على محمد . أسئـلة شكر الله لكم، وجزاكم الله خيرا هذه بعض الأسئلة، ونعتذر للإخوة أن بعض الأسئلة قد يكون مكررا في هذا المسجد سواء لفضيلة الشيخ أو لغيره من العلماء ولكن لازدياد السائلين .. سمع لها إجابة لمن سأل ثم انصرف. س: يقول السائل: ما حدث في مزدلفة من أن الجو كان مليئا بالأتربة والغبار، فبعض الحجاج قاموا بتغطية رءوسهم، فما حكم ذلك؟ نرى أنهم إذا كانوا مضطرين ضرورة شديدة أنه لا حرج عليهم. أما إذا كان هناك أماكن يكتنون فيها؛ بأن يجلس في سيارته، أو يدخل في خيمة إن وجد خيمة؛ فلا يجوز له أن يغطي رأسه. فإذا غطى رأسه وهو يقدر على ألا يفعل؛ فعليه فدية صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين. وأما إذا غطى وجهه بلثام يتلثم به أو كمامة فإنه معذور. إذا فعل ذلك للغبار وللهواء الشديد. س: يقول السائل: ما حكم من خرج من مزدلفة الساعة الواحدة ليلا ؟ يجزئه وإن كان قد أخطأ؛ إذا كان من القادرين من الأقوياء، فالأصل أنهم يبقون حتى يصلوا الصبح، ويدعون الله ويشكرونه ثم ينصرفون. يترخص كثير من الناس فينصرفون إذا كان معهم امرأة أو عدد من النساء، ويقولون: إن معنا ظعنا، لكن لا نأمرهم بالفدية. أما الذين انصرفوا قبل نصف الليل فإن عليهم دما. س: يقول السائل: كم عدد التكبيرات أو التكبير المقيد بعد الصلوات؟ هل ورد فيه عن النبي عليه الصلاة والسلام عدد محدد؟ شرع لذكر الله تعالى؛ فيكفيه تكبيرتان يعني مرتين أو ثلاثا. إذا قال: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. هذه مرة، ثم يأتي بها مرة ثانية أو ثالثة. س: أثابكم الله. يقول السائل: نحن مجموعة نعمل في النقل الجماعي، وسوف نتعجل هذا اليوم ونقيم في مكة ولكن عندنا مشكلة، وهي أن العمل للطوارئ فأحيانا يقال لنا: اذهبوا إلى الطائف أو إلى جدة فهل نطوف طواف الوداع ونبقى في مكة حتى يطلب منا ذلك؟ يجوز لكم تأخير طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع إنما يكون عند الانصراف إلى بلادكم، فلو بدا لهم أن يرسلوكم إلى الطائف أو إلى جدة لمهمة؛ فإنكم إذا انتهت مهمتكم ترجعون إلى مكة لطواف الوداع؛ إذا عزمتم على السفر والرجوع إلى بلادكم. س: يقول السائل: لم أبت الليلة الأولى من أيام التشريق في منى دائما، فهل علي شيء؟ نعم. إذا كان لا عذر لك فعليك دم، وأما إذا كان لك عذر فأنت معذور؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم عذر أصحاب الأعذار؛ رخص للعباس وخدمه الذين يسقون الحاج أن يبيتوا بمكة لسقيا الحاج. وكذلك رخص للرعاة الذين يذهبون لرعي الإبل، رخص لهم في ترك المبيت بمنى فهكذا أيضا الذين عندهم أعمال مهمة كخدمة الحجاج، وكذلك أيضا أعمال هامة كالمناوبين في بعض الأماكن في المستشفيات أو ما أشبهها معذورون في ترك المبيت. فأما الذين لا عذر لهم، فإذا خرجوا من منى ولم يبيتوا بها ليلة أو ليلتين؛ فعليهم دم. س: أثابكم الله. يقول السائل: حضرت للحج مع حملة، وأريد اليوم أن أتعجل، وعندما سنذهب للحرم إن شاء الله لأداء طواف الوداع. فإذا أخرت أنا خمس ساعات لكي يتجمع من بالحملة، فهل بقائي بعد نهاية الطواف ما يقارب الثلاث ساعات يؤثر على طواف الوداع؟ ما يؤثر؛ لأنك تنتظر رفقتك، فأنت مستعد للرحيل، وقد حملت متاعك على السيارات؛ فلا يؤثر بقاؤك في الانتظار. س: يقول السائل: رجل نوى الحج متمتعا، فلما انتهى من عمرته قصر بعض شعره، ثم في اليوم الثاني أحرم للحج، فهل يعتبر متمتعا أم قارنا لأنه لم يقصر شعره كله؟ نرى أنه متمتع، والقارن أيضا يسمى متمتعا؛ فإن التمتع هو الانتفاع، وهو قد انتفع بحصول نسكين حجة وعمرة سواء قرنهما جميعا بإحرام واحد، أو فصل بينهما. بكل حال: يعني على الإنسان إذا أراد أن يقصر أن يحرص على أن يحيط بأطراف رأسه وبأطراف شعره من كل جانب حتى يتحقق أنه تحلل، وإن كان بعض العلماء رخص في أخذ بعض الشعر، وجعله سببا للتحلل كالشافعية، ولكن الاحتياط أن يستدير على الرأس كله. س: يقول السائل: ما الحكم في امرأة ذهبت للرمي؛ لرمي جمرة العقبة ولم تستطع لشدة الزحام؛ فوكلت زوجها بالرمي عنها، وكذلك وكلت ابنتها البالغة عمرها 12سنة أباها بالرمي عنها. ثم سمعت بفتوى من أحد العلماء أنه يجب على المرأة النشيطة القوية أن ترمي عن نفسها في وقت ليس فيه زحام، فكلمت زوجها بذلك أن تذهب مرة أخرى لكي ترمي هي وابنتها عن نفسيهما بعد أن تحللتا التحلل الأول، قبل سماع فتوى الشيخ، ولكن قال لها زوجها: إن رميه عنها يكفي، ولا يجب إعادة الرمي بعد التحلل الأول، مع أنهما رميتا في اليوم التالي عن نفسيهما الجمرة الصغرى والوسطى والكبرى ؟ نرى أنه حصل التحلل بالتوكيل سواء عن الزوجة أو عن البنت. لما وكلت هذه زوجها وهذه أباها؛ حصل التحلل وحصل الامتثال. كنا قبل ثلاثين سنة قبل أن يوسع مكان الرمي نرخص في التوكيل للنساء؛ وذلك لما يوجد من حطمة الزحام الشديد وسقوط كثير من النساء تحت الأقدام من الزحام؛ فنرخص لهن في التوكيل. في هذه الأزمنة وبعد أن جعل الرمي في الأرض وفي السطح، وكذلك أيضا بعد أن رخص في الرمي ليلا؛ يعني أن الرمي يمتد في الليل يوم العيد، وكذلك اليوم الحادي عشر الذي هو بالأمس يمتد في الليل؛ رأينا أن الأصل كون الإنسان يرمي عن نفسه رجلا أو امرأة إذا كان مستطيعا، وأن التوكيل يكون عن العاجز عن المرأة الحبلى مثلا، أو عن المريض الذي يشق عليه أو عن الأعرج الذي لا يقدر على المشي ونحو ذلك. هذا يجوز التوكيل، وكذلك أيضا عن الصبيان في حديث جابر يقول: { حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم } فذكر أنهم رموا عن الصبيان يعني: عن الأطفال الذين دون الخامسة مثلا أو في السادسة من أعمارهم يشق عليهم الرمي فرموا عنهم. س: تقول أيضا المرأة: حجت بمال أخذته من أختها، فهل حجها صحيح؟ صحيح؛ يعني من تصدق عليه حتى حج؛ حجَّ فرض أو حج نفل؛ فحجه صحيح. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ حججت وأنا مقرن، وكنت نويت الأضحية، وأمسكت عن قص الشعر والأظافر من بداية العشر، ويوم النحر رميت جمرة العقبة وحلقت شعر الرأس، ولم أضحِّ إلى الآن؛ لعدم التمكن من ذلك؛ ولأنني سوف أقوم بالأضحية اليوم أو غدا، فهل يجزئ ذلك، مع أنني قد حلقت رأسي؟ يجوز ذلك؛ لأن الحلق يعتبر نسكا، ولا يمنعه كونك تريد أن تضحي، فلو مثلا أنك متمتع، وأنت قد أوصيت من يذبح أضحيتك في بلدك، ثم أتيت في اليوم السادس أو السابع وطفت وسعيت للعمرة؛ فإن عليك أن تقصر ويعتبر هذا نسكا، ولا يمنع ذلك كونك تريد أن تضحي. وهكذا مثلا إذا رميت الجمرة يوم العيد، وحلقت رأسك بعد ذلك الرمي، ولو قبل ذبح أضحيتك؛ فإن لك ذلك؛ لأن الحلق نسك. والأضحية تذبح ولو تأخرت يومين، ولو لم تذبحها إلا في اليوم الثالث عشر منذ قد دخل وقت الذبح لقوله تعالى: { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } بلغ محله بمعنى أنه قد بلغ محله أي وقت حل ذبحه. س: يقول السائل: امرأة حائض، أجبرت على الطواف؛ فطافت جهلا ممن أجبرها على ذلك وبعد سنين تزوجت وأنجبت فماذا، علما بأنها حجت، وأتت بعدها بعمر كثيرة؟ إذا كانت تزوجت قبل أن تعيد الطواف، أو قبل أن ترجع إلى مكة وتأتي بعمرة فنرى تجديد الزواج تجديد العقد. وأما إذا كانت قد اعتمرت قبل أن تتزوج فإن زواجها صحيح؛ وذلك لأننا نرى أن طوافها بالبيت وهي حائض لا يجزئ، لا بد في الطواف من الطهارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: { لا تطوفي بالبيت حتى تطهري } . ونرى أيضا أنها إذا تحللت وتزوجت قبل أن تطوف ودخل بها زوجها، ثم بعد ذلك طافت وسعت عمرة ولو لم تكن بنية إتمام العمرة الأولى؛ أن هذا يحصل به التحلل، ولكن يلزم أيضا فدية؛ ذبيحة يعني شاة أو نحوها تذبح عن الوطء، وكذلك الصدقة بإطعام ثمانية عشر مسكينا عن المحظورات التي فعلتها؛ لأنها لا بد تطيبت، ولا بد قصت من الشعر وقلمت من الأظفار، وكل واحدة من هذه فيها إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام. فإما أن تصوم تسعة أيام، وإما أن تطعم ثمانية عشر مسكينا هذا هو الواجب. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ طفت أمس طواف الإفاضة، وسعي الحج؛ لأنني حججت متمتعا، ولكن في الشوط الثاني من الطواف تذكرت أني على غير وضوء، والزحام كان شديدا؛ فتعمدت أن أكمل الطواف على غير وضوء، فهل هذا صحيح؟ غير صحيح. لا يجوز الأخذ بالرخص أو بالتساهل؛ فالطواف لا بد فيه من الطهارة؛ لأن البيت حرم وله حرمته وله مكانته؛ فلا يطوف به إلا متطهر. فنقول: عليك أن تعيد الطواف، وعليك أن تعيد السعي. إذا أردت أن تسافر تطوف طوافا واحدا، ويكفيك عن الطوافين عن الإفاضة والوداع، وتعيد السعي بعده؛ لأن السعي لا بد أن يكون بعد طواف صحيح، وطوافك هذا غير صحيح. س: يقول السائل: بعد رمي الجمرات والنزول من منى قد تركت طواف الوداع، فهل يجوز أن أجبر ذلك بدم؟ إذا ترك طواف الوداع؛ فإنه يجبره بدم سواء صغيرا أو كبيرا لا بد من دم جبران عن ترك طواف الوداع. س: يقول السائل: هل يجوز للمرأة الحامل توكيل زوجها في رمي الجمار؟ وما هي الضوابط الشرعية للتوكيل بالرمي..؟ نرى أنه يجوز؛ وذلك لأنها تخشى من حطمة الناس؛ إذا كان هناك زحام. هذا اليوم المتعجلون الرمي يكون عليهم شديدا؛ لأن الزحام يشتد من الساعة الثانية عشر والنصف إلى نحو الساعة الرابعة بعد العصر أو الخامسة يكون الزحام شديدا. ففي هذه الحال لو وكلت المرأة حتى ولو لم تكن حاملا؛ نرى أن لها التوكيل؛ وذلك لأن الزحام يشتد كثيرا. س: يقول السائل: فضيلة الشيخ أنوي هذه الليلة الرمي لليوم الثاني عشر، وأرمي أيضا لليوم الثالث عشر، ثم انطلقت من منى قبل الظهر إلى المسجد الحرام لطواف الوداع فهل هذا جائز، علما أنه ليس هناك شغل أو ظرف يدعو إلى ذلك؟ لا يجوز تقديم رمي اليوم الثالث عشر قبل وقته، يجوز التأخير ولا يجوز التقديم. فنقول: إذا كنت تخرج قبل الغروب سقط عنك رمي يوم الثالث عشر. وأما إذا كنت تبيت الليلة وتمسي في منى ؛ فعليك أن ترمي في اليوم الثالث عشر. ويكون الرمي قبل الغروب حتى لا تدرك ليلة الرابع عشر؛ لأنها ليست من أيام التشريق ولا من لياليه. ذكرنا أنه يجوز التأخير، فالإنسان الذي يخشى من الزحام لو قال: هذا اليوم الذي هو الثاني عشر أخشى من شدة الزحام علي وعلى من معي من النساء أؤخره إلى اليوم الثالث عشر؛ يجوز ذلك، فإذا زالت الشمس في اليوم الثالث عشر الذي هو غدًا جاء ورمى الجمرة الصغرى بسبع عن أمس يعني: عن الثاني عشر والوسطى كذلك، والعقبة كذلك بسبع وسبع وسبع، ثم رجع ورمى الصغرى عن اليوم الثالث عشر، ثم الوسطى ثم الكبرى كل واحدة بسبع عن اليوم الثالث عشر، ثم خرج. كما فعل ذلك الرعاة الذين يذهبون يرعون في ذلك الوقت الرواحل كانوا يغيبون اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر إذا كانوا يتعجلون، فإذا جاءوا في اليوم الثاني عشر رموا الثلاث عن الحادي عشر بسبع وسبع وسبع، ثم رجعوا ورموا الثلاث عن اليوم الثاني عشر وخرجوا إذا كانوا يتعجلون. وإذا كانوا لا يتعجلون رموا يعني: باتوا أو غابوا ثلاثة أيام ورموا الثلاث كلها عن ثلاثة أيام. س: السؤال ما قبل الأخير يقول السائل: من مات ولم يحج عن نفسه، ولم يحج عنه أحد من أهله، واتفقوا مع أحد الزملاء للحج عنه، فهل هذا الحج صحيح؟ إذا كان له مال ولم يحج، واعتبر مفرطا مع قدرته، يحج عنه من ماله. وأما إذا تبرع له أحد ورثته فإنه يصح. أما إذا لم يكن له مال؛ كان فقيرا وعاجزا؛ صح أن يحج عنه أحد ورثته أو أحد أصدقائه. س: يقول السائل: إذا ذبح الأضحية ونسي أن يذكر اسم الله عليها، فهل ترى أن يأكل من هذه الذبيحة؟ الصحيح أن من ترك التسمية نسيانا؛ فإنها تحل ذبيحته سواء كانت أضحية أو غير أضحية؛ لقوله في الحديث: { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } وقوله تعالى: { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } . س: وفي الختام .. مؤسسة الحرمين... ...ذكر الله هل تمنعوني من ذكر الله، أنا في عملكم قد وفيته وقد قمت به كما يطلب، لم أنقص منه شيئا، وانصرفت مع الناس لما انصرفوا من مزدلفة في النصف الأخير من الليل أو في أوله وتم أني قمت بالعمل الذي وظفت به ورتبتموني أيضا في هذا المكان الذي هو منى وقمت بالعمل كما ينبغي، وأنا باق على نسكي هل تمنعوني إذا كان عندي فراغ أن أذهب وأرجم الجمرات؟ هل تمنعوني من هذا؟ هل تمنعوني من النوم؟ ففي وقت نومي أذهب وأرجم الرجمات، وأقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، هل تمنعوني من حلق رأسي إذا انتهيت من الرمي؟ هل في ذلك ضرر عليكم وعلى عملكم؟ ليس فيه ضرر. هل تمنعوني إذا كان عندي فراغ أن أذهب وأطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة ؟ هل ذلك يخل بعملكم؟ لا يخل بذلك. س: طيب يا شيخ .. لا يلبس الإحرام يقول: ألبس الإحرام وأرمي جمرة العقبة وأحلق.. لا لا ثبتت عليه الفدية إطعام ستة مساكين وستة مساكين سواء لبس إحرامه أو لبس ثيابه ثبتت عليه. س: ما يعذر بجهله؟ ثبتت عليه الفدية وعليه تكميل حجه. س: ابني عمره عام ونصف وقمت بعمل كل شيء من مناسك الحج له ما عدا لبس الإحرام؛ وذلك خوفا عليه من نزلة البرد لأننا أحرمنا في الفجر، فهل يجوز حجه أم لا؟ وهل مطلوب له فدية أم لا؟ من أحرم باللباس؛ يعني لبس القميص ولبس العمامة فإحرامه صحيح. ليس شرطا أن يكون عليه إزار ورداء الفوطتين المعروفتين؛ فإحرامه صحيح، ولكن عليه إطعام ستة مساكين وستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام وثلاثة أيام. س: عزمنا أن نعجل وحزمنا أمتعتنا، وأخذنا سيارتنا وذهبنا إلى الجمرات قبيل الغروب، وانتهينا من آخر جمرة مع آذان المغرب، ثم جلسنا في منى صلينا المغرب والعشاء، ونحن في حيرة من أمرنا. أنخرج متعجلين؟ أم نبيت متأخرين؟ ثم قررنا التأخر من باب العمل بالأحوط، السؤال هو: من كان حاله هذا، فهل يجوز له التعجيل؟ إذا غربت عليهم الشمس اليوم الثاني عشر وهم في منى ؛ لم يجز لهم الخروج ولزمهم البقاء، ولا يصح أن يتعجلوا. وأما إذا خرجوا من منى قبل أن تغرب الشمس صدق عليهم أنهم خرجوا، وسقط عنهم الرمي يوم الثالث عشر. س: سوف نذهب إلى المدينة ثم نذهب لطواف الإفاضة والوداع، ثم يكون السفر إلى المدينة ثم العودة إلى مكة للاستعداد السفر إلى بلادنا، فهل في هذه الحال يكون علينا طواف وداع أخرى؟ طواف الوداع الذي خرجتم به إلى المدينة يكفيكم طواف وداع وطواف إفاضة، فإذا رجعتم إن رجعتم بعمرة فهو أفضل؛ تحرمون من ميقات أهل المدينة ذي الحليفة ثم تأتون بعمرة حيث إنكم مررتم بالميقات قاصدين مكة وإن شق ذلك عليكم فلا حرج. س: يسأل:من يريد أن يعمل العمرة لوالده طواف الوداع، يقول: هل .. تعمل العمرة قبل طواف الوداع لوالدي أم بعده؟ تعمل قبل طواف الوداع، ولكن إذا كنت تسافر بعدها كفاك طواف العمرة عن طواف الوداع، كما يكفيك طواف الإفاضة عن طواف الوداع إذا سافرت بعده. س: يقول: شخص متمتع وكان يظن أنه قادر على الهدي، ولكن لم يجد هديا بالثمن الذي يقدر عليه، ولم يصم أيام التشريق بسبب ذلك، فماذا عليه وجزاكم الله خيرا؟ أخطأ في ذلك؛ كان عليه أن يصوم حيث عرف بأنه يعجز عن الهدي فيصوم ثلاثة أيام قبل يوم العيد، أو الثلاثة التي بعد العيد التي هي أيام التشريق. والآن نرى عليه فدية؛ أن عليه أن يذبح فدية ولو أن يقترض، وآخر الذبح هذا اليوم؛ فإن لم يذبحها في هذا اليوم ثبت عليه فديتان: فدية للتمتع، وفدية التأخير، هكذا يختار بعض العلماء. س: يقول: أنا مقيم في جدة وقدمت لي والدتي من مصر فحضرت عندي يوم الخامس من رمضان، وعملت عمرة والحمد لله، وجلست معي حتى قبل الحج بعشرة أيام، نزلت إلى مكة عند أخي ولم تحرم من جدة وحضرت مكة قبل الحج بعشرة أيام أحرمت من مكة فهل عليها دم؟ نرى أن جدة كأنها طرف من أطراف مكة وأنه لا يسمى سفرا بين مكة وجدة ونرى والحال هذه أنها باقية على تمتعها؛ عمرتها التي عملتها في أشهر الحج، وحجها الذي أحرمت به من مكة تصير به متمتعة؛ فعليها دم التمتع. س: يقول: خرجت من جدة إلى مكة قبل .. بيومين وأحرمت من مكة على الرغم من أني مقيم في جدة ولكن لظروف خاصة لجأت إلى الإحرام من مكة فهل علي دم في هذا؟ نرى أن عليه دم؛ حيث إن ميقاته بلده التي هي جدة فعليه دم عن مجاوزة الميقات. س: يقول: المسيحي عندما يموت. هل يحق للمسلم أن يشيع جنازته، وإذا مرض فهل على المسلم أن يزور المسيحي؟ نرى أنه لا يشيعه؛ لقول الله تعالى: { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ } الكفار لا يجوز للمسلمين أن يشيعوا جنائزهم، ولا أن يدعوا لهم، ولا أن يصلوا عليهم. وأما عيادته في المرض فيجوز إذا رجي أنه يسلم؛ إذا عاده وهو مريض وذكره ووعظه، فلعله أن يسلم في آخر حياته ويختم له بخاتمة حسنة. س: عندهم اللي هو الخدمات المصرفية الإسلامية. طريقتهم في المرابحة الإسلامية هي كالتالي: أنه يأتي المستفيد ويذهب إلى مسئول خدمات العملاء، ويقول: أريد السلعة الفلانية؛ فيعطيك ورقة تسمى بورقة تسعيرة، فيذهب للسلعة التي يريدها ويسعرها من نفس الجهة أيا كانت، ثم يذهب بها إلى البنك ويبدأ بفتح معاملة خاصة باسمه. وهي بشروط؛ وهو أنه يضع الراتب عندهم، وأنه يعبئ استمارة رغبته في شراء السلعة مضافة إلى التسعيرة. والمعاملة تستمر لمدة أربعة أيام أو خمسة أيام، ثم بعد ذلك يعطوه شيكا بقيمة السلعة المراد شراؤها، ويأخذ الشيك وهم لا يذهبون، هو يأخذ الشيك ويذهب ويشتري السلعة. الشيك موجه من البنك الأهلي فرع كذا إلى المؤسسة أو الجهة المشترى منها السلعة. ثم بعد ذلك هم يقسطونها بزيادة سبع وخمس وسبعين في المائة سنويا –تخرج من رأس المال، مش منة البنك- بالنسبة للسيارة باسم المستفيد، بالنسبة للعقار باسم البنك. لكن لو أخذ الشيك هذا وذهب به إلى المعرض، وأخذه المعرض وصرفه، ثم الشخص هذا رفض، ماذا يعمل البنك، قال: أنا تنازلت لا أريد الآن البيع؟ أولا: البنك له طريقة في التأكد من مصداقية الشراء، كان في السابق يطلب أنه يدفع عشرة في المائة من قيمة السلعة، ويتخذ إجراء أنه يأخذ العشرة في المائة؛ لأنه يقول أنا تضررت. الآن أبيع السلعة والعشرة في المائة راح آخذها، وأضع اسمك في القائمة السوداء. أما الآن لا، فيقول: بالخيار أنت، يعني بعدما اشتكى الناس؛ قالوا: أنت بالخيار ولكن سيوضع اسمك في القائمة السوداء، وأصلا هم ما يرفعون المعاملة إلا بعد التأكد من مصداقية الشراء؛ لأنه ما وضع راتبه، وكتب معاملة وصبر عليها إلا وهو صادق في الشراء؟ بكل حال فيها كثير من الاشتباه، الأولى: { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } إذا كان كذلك، يذهب إلى من يملكون هذه السلع ملكا صحيحا، إن كانوا بيبيعونه هو بيعا بثمن مؤجل أو مقسط، بيجد كثيرا من التجار يتعاملون مثل ما تتعامل البنوك، ويبيعون بثمن مقسط أو بثمن مؤجل لمدة واحدة مدة سنة. وإذا لم يجد، أو كانوا كذلك بيجد كثيرا من الذين عندهم ثروة وعندهم أموال مرصدة في البنوك ما يتصرفون فيها، يقول لهم: بدلا من أن البنك ينتفع بها ليش ما نتصرف فيها؟ إذا جاءنا هذا الذي بيستدين ونحن نعرف أنه ثقة؛ فنشتري له سلعته هذه ونبيعها عليه، ولا نبيعه إلا بعد التملك، وبعد الحيازة، وبعد الدخول في الملكية، وإذا بعناه كذلك أيضا إذا عرضنا عليه ما نلزمه إلزاما كليا بالبيع، بل نقول لك الخيار. ثم المستدين تارة يكون قصده استعمال السلعة؛ استعمال السيارة، أو استعمال الفرشة أو استعمال الكنب يعني في منزله، يقول: أنا محتاج إلى فرشة أو إلى كنب إلى موكيت؛ فتقول أنت: أشتريها لك، أنا عندي أموال مرصدة ما أتصرف فيها، فينتفع بها غيري، أنا أشتريها ثم إذا حزتها؛ قست كم تحتاج من متر؟ وكم تحتاج من نوع الكنب وما أشبهه؟ وكم تحتاج من الأواني من ثلاجة ومن أدوات مطبخ ومن غسالات؟ نظرت وإذا أنت تحتاج كذا وكذا، اشتريتها أنا، وبعدما أملكها أبيعها عليك، وتشترط عليَّ أن العمال هم الذين يأتون بها وينزلونها ويفرشون الفرش ويجعلون الدواليب في أماكنها، والثلاجات في أماكنها، وأكتب على نفسي أني اشتريت من فلان كذا، وأن علي له من الدين كذا وكذا أستعملها. إذا كان قصدك الثمن، تنتفع بدراهمها أو تبيعها في الحال، فالمختار والأرفق بك: أنك تشتري أشياء خفيفة وثمنها رفيع؛ لأجل أنك تحملها وتبيعها على المستهلكين وعلى المتصرفين، وتربح فيها؛ مثلا قلت: أنا محتاج مثلا لخمسين ألفا، وعند هذا الرجل خمسون ألفا. تجيء وتقول: يا عبد الله عندك ديانة أبغي أتدين منك، وإيش تبغي من السلع؟ أبغي شمغ –مثلا-. راح واشترى لك شمغ بخمسين ألفا، يوم ما استلمها، وإذا الشماغ طلعت عليه بخمسة عشر؛ قال: أبيعك إياها بثمانية عشر. كتبت على نفسك أن في ذمتي لعبد الله مثلا ستين ألفا قيمة الشمغ. فالشمغ هذه بعتها بالتفريق على المستهلكين الناس يبيعونها. عبد الله اشتراها بخمسة عشر باعك إياها بثمانية عشر، والناس يبيعونها على عشرين أو على خمسة وعشرين، -أنا شارٍ على عشرين- بعتها على عشرين؛ وربحت فيها بدلا ما أنك شاريها بثمانية عشر بعتها على عشرين أو على خمسة وعشرين، على حسب صبرت أنك مشيت بها على الدكاكين ومشيت بها على المستهلكين، وربحت فيها بدلا ما أنك تخسر. لو اشتريت مثلا سيارة، باعك إياها؛ اشتراها بخمسين ألفا، وباعك إياها بستين، وبعتها أنت بثمانية وأربعين أو تسعة وأربعين؛ خسرت فيها؛ وإذا راتبك زيادة أحد عشر ألفا. وهذه ربحت فيها بعشرين ألفا أو بخمسين ألفا وبعتها بستين ألفا أو بخمسة وستين ألفا؛ أوفيته وبقي لك دراهم، أو سددت الدين اللي عليك وما بقي لك زيادة. هذا هو الأرفق، لكن الناس تقول: أنا بدل ما أبيع، أنا بدل ما أفرق؛ أشتري أشياء تمسكني، أبيعها في محلها ولا أتأنى بها؛ هذا هو السبب في أنهم تتراكم عليهم الديون، كل ما حل عليه الدين جاء له، قالوا أوف له عندك لنا ستين ألفا، راح تديَّن له، سيارتهم قيمتها ستين ألفا كتبوها عليه بثمانين ألفا، ثم باعها، ثم .. حلت عليه الثمانين، راح وتدين سيارتهم قيمتها بثمانين ألفا ويكتبوها عليه بمائة وعشرين ألف، ثم حلت عليه المائة وعشرين ألفا.. وراح وتدين بمائة وخمسين ألفا وتضاعفت عليه لحد ما وصلت عليه ملايين، بسبب هذا. س: طيب شيخنا الصفة التي ذكرتها الآن بالنسبة للبنك، أنتم قلتم -حفظكم الله- أنها شبهة. طب هذه الشبهة موازنة مع المفسدة أو الضرر الكبير جدا في أن الشخص ما يكون عنده لا سيارة ولا يعني مثلا على الأقل بيت يتملكه؛ يعني ما الموازنة الراجحة اللي تحصل منها المصلحة ما بين هذه المفسدة أو هذه الشبهة، وهذه المضرة الكبيرة في كون إنه ما عنده سيارة، والراتب مثلا ثلاثة آلاف، ولا يستطيع يعني يحصل على سيارة إلا بهذه الطريقة؟ هذه الطريقة لا بأس بها نقول له: اشتر السيارة ولكن بعدما يملكونها في الحديث: { لا تبع ما ليس عندك } . نهى أن تبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فأنا بحاجة إلى سيارة: يا عبد الله اشتر لي سيارة وبعها علي، شراها وحازها وملكها وباعك إياها مثلا ربح فيها عشرة في المائة أو ما أشبه ذلك هذا لا بأس. س: لكن شيخنا هم في البنك ما يرسلون مندوب يتملك. نقول: روح لغير البنك، ابغ غير البنك. س: ... يا شيخ، يعني اللي وقع في هذا. الأمر هذا يصعب عليه؟ نعم يجد غير البنوك. س: اللي تدعي أنها بنوك إسلامية، هذه الصفة هل هي..؟ لا البنوك الإسلامية يتقيدون بالتعليمات وبالمعاملات الصحيحة. س: البنك الأهلي يا شيخ الحين فتح فروع يقال: إنها فروع إسلامية مثلما ذكر الأخ؛ إنهم يقولون بالمرابحة وبمثل هذه الأشياء، هل هذه الصفة التي ذكروها؟ ... إذا صاروا يبيعوها قبل أن يملكوها؛ فهذا ليس ببيع صحيح. – ما يبيعونها قبل التملك- أو يبيعونها قبل أن يحوزوها؛ هذا ليس ببيع صحيح. أو يشرطون عليك أنك إذا تراجعت أنك تعطيهم كذا أتعابهم خمسين، خمسمائة ألفا هذه أيضا شروط غير صحيحة. س: نعتبر ما ... يا شيخ، هذا ينسحب على ما يدور الآن من حركة بيع وشراء البنك العقاري..