س 58: وسئل -رعاه الله- بعض المدرسين إذا عرف أحد الطلاب أو أحب فيه صفات معينة، كالخلق والتدين والجد والاجتهاد، ثم أخفق في الامتحان أعطاه فرصة أخرى لإعادة امتحانه ؛ علمًا بأن غيره أولى منه بإعادة الامتحان لكون درجة غيره أقل، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ فأجاب: أرى ألا يفعل ذلك؛ فإن هذا خلاف العدل قال الله -تعالى- { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } وقال -تعالى- { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ } وذلك أن المدرس قد علمهم سواء، وقام أمامهم مربيًا وناصحًا ومدرسًا، فكلهم استووا في التلقي عنه، وقد سوى بينهم في أسئلة الامتحان، فعليه أن يسوي بينهم في التصحيح ومنح الدرجات التي يستحقونها، فمن تقدم منهم وأجاب بالصواب أعطاه ما يستحقه، ولو كان من ذوي الأخلاق السيئة والعصيان، ولو كان مهملًا ومفرطًا، ومن أخطأ في الجواب أعطاه بقدر جوابه دون أن يزيد له في الدرجات أو يعيد له الامتحان، ولو كان من الصالحين والدعاة إلى الخير وأهل التدين وحسن الأخلاق. فأما العفو والصفح والإكرام والتقدير فيكون في محله، مثل تشجيعه عند المقابلة، وتوجيه النصح إليه، وحثه على الاجتهاد والعفو عن خطئه إذا سأل أو استفسر عن شيء معلوم، وكذا قبول عذره في التأخر ونحوه إذا عرف صدقه ونصحه، فأما في الاختبار الذي يعم طلاب الفصل فلا يجوز فيه التمييز والتفضيل، مما يتخذ مطعنًا في المدرس وعيبًا ظاهرًا فيه. |