س 73: وسئل -حفظه الله- هل يجوز أن يقوم مدرس نصراني أو غيره من أهل الملل الباطلة بتدريس أبناء المسلمين ؟ وهل يجوز كذلك أن يتولى تدريس بنات المسلمين مدرسات نصرانيات أو غيرهن من أهل الملل الباطلة؟ فأجاب: لا يجوز شرعًا أن يتولى النصارى أو الهندوس أو القاديانيون شيئًا من الأعمال الشرعية في بلاد المسلمين؛ فإن في ذلك رفعًا لمكانتهم، مع أن الواجب إهانتهم وتصغير شأنهم، فأما الأمور الدنيوية كصناعة يدوية وهندسة وخدمة بدنية فإن ذلك جائز؛ لاعتبارهم مستخدمين، وفي استخدامهم إذلال لهم، ولو تقاضوا على ذلك مرتبًا وبذل لهم مال ولو كثيرا، بعد ألا يوجد من يتولى ذلك من المسلمين، فيستخدمون في حفر الآبار واستخراج المعادن وتكريرها والعمل في المصانع والحرف ونحوها، فأما التدريس فالأصل أن يتولاه المسلمون؛ حيث يوجد فيهم من يقوم بجميع الدروس في المواد الشرعية، فأما المواد الصناعية ونحوها فإن وجد في المسلمين من يحسنها لم يجز أن يتولاها كافر، وإن لم يوجد مسلم يقوم بها ولو من خارج البلاد، وكانت ضرورية، اجتلب لها من الكفار من يدرسها بقدر الحاجة، حتى يستغني عنه ثم يرد إلى مأمنه، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمل اليهود على خيبر البخاري "الفتح" كتاب الحرث والمزارعة - باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة [5 / 17]"2329 "، مسلم "النووي" كتاب المساقاة والمزارعة [10 / 210]. كعمال مع إمكان القيام بها؛ لانشغال المسلمين بالجهاد، ولمعرفتهم باستغلال البلاد، فلما استغني عنهم أجلاهم عمر رضي الله عنه. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "لا ترفعوهم بعد أن وضعهم الله، ولا تعزوهم بعد أن أذلهم الله، ولا تقرّبوهم وقد أبعدهم الله" الآداب الشرعية والمنح المرعية - فصل في الاستعانة بأهل الذمة [2 / 968]. وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته بإخراج المشركين من جزيرة العرب البخاري "الفتح" كتاب الجزية والموادعة - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب [6 / 312]"3168"، صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير - باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب [3 / 1388] "1767". ؛ أي: ألا يتملكوا فيها، فلم يبقوا لهم مغزّ قنطار مغزّ قنطار: موضع غرس عود البخور، ومعنى هذا أن المشركين لم يمكنوا من امتلاك شيء. وعلى هذا عمل أئمة المسلمين في كل زمان، والله أعلم. |