وسئل وفقه الله: ما مضار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ فأجاب: يترتب على إضاعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مضار ومفاسد كثيرة، يعم ضررها العصاة وغيرهم. 1- فمنها تمكن الأشرار وقوتهم وغلبتهم فمن ثم يعلنون المعاصي ويجاهرون بكفرهم وذنوبهم ومخالفاتهم، ولا يبالون بإظهار المخالفات، والتساهل بأمر الدين. 2- ومنها ضعف الحق وأهله وخوف المؤمن على نفسه من إظهار العبادات، والإنكار على من انتهك الحرمات، فيصبح أهل الخير أذلاء ضعفاء، يخفون عباداتهم وكأنهم أهل المنكرات، بحيث من عمل بالمعروف أو دعا إليه أُهين واضطهد وطرد. 3- ومنها عموم العقوبة للجميع فإن الله -تعالى- عاقب بني إسرائيل لما جالسوا أهل المعاصي والذنوب، وآكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم { عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } أخرجه أبو داود برقم (4336). والترمذي برقم (3047) بنحوه. وابن ماجه برقم (4006) بنحوه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-. 4- ظهور الكفر والبدع والمعاصي وانتشار الفساد، وغلبته في البلاد، بحيث يستعصي على الأمة علاجه، فإن الناس كلما تساهلوا بالذنب واحتقروه بالنسبة إلى غيره، وأقروه في بيوتهم وفي أقاربهم، أصبح مألوفا، لا ينكره الصغير ولا الكبير. فقد كنا قبل ثلاثين عاما ننكر حلق اللحى، ونستبشع ذلك، ونهجر الحليق إذا قدرنا، ونشنع على الحالقين، ثم غلب هذا الذنب وكثر متعاطوه، فأصبح الذي ينكره كأنه ينكر شيئا مألوفا لا إثم على فاعله. وهكذا قبل أربعين عاما ننكر على من اقتنى جهاز الراديو، حيث إنه يحتوي على الأغاني والملاهي، فأصبح مألوفا بعد حين، رغم ما يذاع فيه من اللهو واللعب والباطل، والأغاني الماجنة، والدعايات إلى المعاصي، سيما في الإذاعات الخارجية التي ترسلها دول كافرة، تقصد من ورائها إفساد الأخلاق والأديان. ثم ظهر بعد ذلك جهاز الرائي (التلفزيون) فأنكره أهل الخير واستبشعوه، وشنعوا على من اقتناه، وقد أصبح أمرا عاديا مع أنه آلة فتاكة تبث السموم والشرور، سيما بعد ظهور البث المباشر بواسطة آلة الدش ونحوه. وهكذا كنا ننكر على المصورين مجرد التصوير، ونستعظم هذا الفعل، وبعد مدة امتلأت المنازل من الصور، واشتملت الصحف والمجلات والشاشات على الصور الخليعة الفاتنة. وهكذا كنا ننكر رؤية المرأة السافرة ولو كانت كافرة، ونلزم وليها بسترها وحجبها، فبعد مدة استشرى هذا الشر، وانتشر في الإذاعات المرئية وفي المدارس والأسواق، والمراكز الصحية وغيرها. 5- ومنها تمكن العلمانيين والمنافقين من الولايات الهامة، والمناصب الرفيعة التي تتعلق بمصالح المجتمع، وحينئذ يفرضون على الأمة ما يريدون، ويسعون في الأرض فسادا، ويقربون أمثالهم من الأشرار، ويتحكمون في الأمة حسب أهوائهم، فيصبح المسلم ذليلا مهينا محتقرا، والمنافق عالي القدم، يشمخ بأنفه، ويتكلم بملء شدقيه، وذلك من أسباب العقوبة السماوية. نسأل الله العافية. |