10- ومن السُّنّةِ اللازمة التي مَنْ ترك منها خَصْلة، ولم يقبلها ويؤمن بها لم يكُنْ من أهلها: الإيمانُ بالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ، والتصديقُ بالأحاديثِ فيه، والإيمان بها لا يُقالُ: "لِمَ؟" ولا "كيف؟" إنما هو التصديق والإيمان بها. 11- ومَنْ لم يعرف تفسير الحديث، ويبلغه عقله، فقد كُفِيَ ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان به والتسليم له. 12- مثل حديث الصادق المصدوق حديث الصادق المصدوق هو حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، الذي ذكره الشيخ في الشرح ويأتي تخريجه في موضعه. ومثل ما كان مثله في القدر الآيات والأحاديث في الإيمان بالقدر كثيرة، منها ما ذكره شيخنا ابن جبرين في الشرح، ومنها أيضًا حديث عبد الله بن عمر الطويل وهو: عن يحيى بن يعمر قال: "كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحدًا من أصحاب رسول الله فسألناه عما يقول هؤلاء في القَدَر، فوُفِّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلًا المسجد فاكتنفتُه أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكِل الكلامَ إليّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، قد ظهر قِبَلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدَرَ، وأن الأمر أُنُف. قال: فإذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر: لو أن لأحدهم مثل أُحد ذهبًا فأنفقه ما قَبِل الله منه حتى يؤمن بالقدر...". ثم ذكر حديث عمر بن الخطاب وفيه: "أن جبريل سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم-: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكُتبه، ورُسله، واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيرِه وشرِّه ". أخرجه مسلم برقم (8). . الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل الطويل عندما سأله عن الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكُتبه، ورُسله، واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشرِّه". أخرجه مسلم برقم (8) من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. وسبق تخريجه في الهامش السابق. وهو أن يؤمن العبد بأن الله علم ما سوف يكون، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، ويؤمن بأنه لا يكون في الوجود شيء إلا بعد إرادة الله، لا يكون إلا ما يريد، ويؤمن بأن الله خالق كل شيء وأنه ليس شيء موجود إلا الله خالقه، من المخلوقات ومن الأفعال ومن الأحكام، وعندئذ يؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام، وجفّت الصحف } أخرجه الترمذي برقم (2516). في صفة القيامة، باب: "59". وأحمد في المسند (1/ 293). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال أحمد شاكر (2669): إسناده صحيح. . رواه أحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس. وكذلك حديث ابن مسعود الذي يقول فيه -صلى الله عليه وسلم- { إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات: فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد } أخرجه البخاري برقم (3332)، ومسلم برقم (2643). من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-. وهو حديث الصادق المصدوق المشار إليه في المتن. . متفق عليه يكتب ذلك وهو في بطن أمه. ولما سأل الصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: ألَا ندع العمل ونَتَّكِلُ على كتابنا قال: { اعملوا فكل مُيَسّر لما خلق له } أخرجه البخاري برقم (4945) من حديث علي -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم برقم (2649) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه-. . فنحن مأمورون بأن نعمل، والله هو الذي ييسر الإنسان ويعينه لما خلقه له، فمن خلقه شقيًّا خذله حتى يعمل عمل أهل الشقاء، ومن خلقه سعيدًا يسر له أسباب السعادة، هذا الإيمان بالقدر، وفيه تفاصيل كثيرة. |