وسئل فضيلته: ما رأيكم في داعية يرى المنكر ويسكت عليه بهدف إصلاحه فيما بعد ؟ فأجاب: قد يجوز ذلك إذا كان هذا المنكر متمكنا، ويصعب علاجه في أول مرة، وهناك منكرات أكبر منه، وقصد الداعية البداءة بالأكبر، رجاء القبول، ثم بعد ذلك يعود إلى الأصغر. مثال ذلك: ما نقل عن بعض الدعاة أنه قدم على مناطق قد غمرها الجهل، حتى عبدوا القبور، واستباحوا الزنى والخمور، وشربوا الدخان، وأكلوا القات والشمة، ونحو ذلك، فبدأ هذا الداعية بالتعليم، وحثهم على تعلم القرآن وتدبره، وعالج الشرك ووسائله، وأقرهم على الدخان والقات والتبرج، لصعوبة التخلص منه، حتى إذا فقهوا وعرفوا الأحكام والحلال والحرام، هناك أقلعوا من أنفسهم، أو بين لهم حكمها وما يترتب عليها من المفاسد، مما حملهم على أن يتوبوا ويقلعوا عن جميع المعاصي. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يمر على من يلعب بالشطرنج أو الميسر ويتركهم، بحجة أنهم إذا منعوا من ذلك انشغلوا بما هو أكبر منه، كقطع الطريق، ففي مثل هذه الأحوال يجوز السكوت على بعض المنكرات، رجاء علاجها بعد ذلك بالتي هي أحسن. فأما سكوت الداعية عن التغيير مع القدرة على النصح والتوجيه فلا يجوز إذا لم يكن هناك مبرر لهذا السكوت، كالسعي لعلاجهم بعد ذلك، فإن هذا السكوت يكون حجة لأهل المعاصي، بقولهم: فعلناه بحضرة العالم فلان وأقرنا، فيتمكن هذا المنكر ويصعب علاجه، حتى ولو كان من صغائر الذنوب، أو مما يتهاون به العامة، والله أعلم. |