وسئل الشيخ حفظه الله: هل يجوز الكذب والغش للوصول إلى المصلحة العامة في إنكار المنكر ؟ فأجاب: الأصل في الكذب التحريم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- { وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا } جزء من حديث أخرجه البخاري برقم (6094). ومسلم برقم (2607). عن عبد الله -رضي الله عنه-. . وقال الله -تعالى- { وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } وفي الصحيح قول النبي -صلى الله عليه وسلم- { آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان } أخرجه البخاري برقم (33) و(2536) و(2598) و(5744). ومسلم برقم (59). عن أبي هريرة رضي الله عنه. . وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- رخص في الكذب في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها لحديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس " أخرجه الترمذي برقم (1939). وأحمد في مسنده (6/ 459، 461). ؛ فينظر في تلك المصلحة العامة وما يترتب على حصولها، وما يترتب على فواتها، فإذا ترجحت المصلحة وانتفت المفسدة، جاز الكذب بقدرها، مع أنه يندب التعريض في الكلام، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، فعند سؤال المجرم كالقاتل والسارق والمزور، والفاجر والمتهم بالاعتداء على الأعراض والمحارم، إذا لم تقم عليه البينة، جاز الكذب عليه، ووعده بكذا ووعيده بكذا، حتى يعترف باختياره ليقام عليه حد الله، ولينزجر أمثاله عن التهاون بحقوق الأمة، والجرأة على انتهاك الأعراض وفعل الجرائم، وقد ورد في الحديث: { لحد يقام في الأرض خير من أن يمطروا أربعين صباحا } أخرجه النسائي برقم (4919) و(4920). وابن ماجه برقم (2538). وأحمد في مسنده (2/ 362، 402). عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. أما إذا كان المتهم يغلب على الظن براءته ويبعد أن يفعل مثل ما اتهم به فإنه لا يجوز الكذب عليه، كما لا يجوز التشديد في عقوبته لغلبة الظن ببراءته، بما اشتهر عنه من الصلاح والورع، والبعد عن الظلم والكذب، والله أعلم. |