15- والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق، قال: فإن كلام الله ليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق، وإياك ومناظرة من أحدث فيه لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "المِراء في القرآن كفر". أخرجه أبو داود برقم (4603) ولم يخرجه أحد غيره من أصحاب الكتب الستة، وأخرجه الإمام أحمد (2/ 300) عنه بلفظ: "نزل القرآن على سبعة أحرف، المراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه". قال أحمد شاكر (7976): إسناده صحيح. وقد سبق تخريجه ص (45) . ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه فقال: "لا أدري، مخلوق أو ليس بمخلوق، وإنما هو كلام الله"، فهذا صاحب بدعة مثل من قال: "هو مخلوق". وإنما هو كلام الله ليس بمخلوق . من المسائل التي تكلم فيها الأولون والآخرون أيضًا القرآن، فأهل السُّنّة على أنه كلام الله من الأدلة على أن القرآن كلام الله قوله -تعالى-: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } [التوبة: 6]. قال ابن كثير (2/ 337): "حتى يسمع كلام الله أي: القرآن تقرؤه عليه". والأدلة في ذلك كثيرة لا يتسع المقام إلى ذكرها . أنزله الله على قلب نبيه -صلى الله عليه وسلم- تكلم الله به حقيقة، وأمر بكتابته في اللوح المحفوظ، وكذلك أمر بكتابته في الصحف وفي المصاحف، فهو لا يخرج عن كونه كلام الله. وأنكر ذلك المعتزلة والإباضية الذين في عُمان وغيرهم، وقالوا: إنه مخلوق، وجعلوه كسائر المخلوقات. ورد عليهم أهل السُّنّة، وبَيَّنُوا أن الله -تعالى- متكلم ويتكلم إذا شاء، وأن كلامه قديم النوع متجدد الآحاد، وأن من جملة كلامه هذا القرآن، وردوا على مَن قال: إنه مخلوق، وكذلك على مَن توقفوا وقالوا: لا ندري أمخلوقٌ أو غير مخلوق، بل أمروا بالجزم أنه عين كلام الله، وقالوا: إنه منه بدأ وإليه يعود، فلا يجوز أن يجعل شيء منه مخلوقًا لا لفظه ولا معناه، بل كله كلام الله تكلم به حقيقة، ويثبتون صفة الكلام أن الله -تعالى- متكلم كما يشاء، ويتوقفون عن كيفية كلامه، أو التدخل في الأشياء الغيبية التي لا تبلغها الأفهام، ويقولون: نَكِلُ علم ذلك إلى الله -تعالى-. |