وذلك أن من طبيعة الأطفال كثرة اللعب والحركة، والتقلب والاضطراب، مما يشوش على المصلين والقراء، وأهل الذكر والعلم، ولا يستطيع وليه التحكم في تسكينه غالبا، فهو في الصلاة يكثر الالتفات والتقدم والتأخر، ومد اليدين، وحركة القدمين، وذلك مما يشغل من يصلي إلى جانبه، ويلهيه عن الإقبال على صلاته، مما يذهب الخشوع، وينقص الأجر، ثم إن الأطفال الذين دون سن التمييز لا يؤمن تلويثهم للمسجد فقد يحصل منهم التبول ونحوه، والروائح المستكرهة، واللعاب والبصاق ونحو ذلك، لعدم فهمهم بحرمة المكان، وصعوبة تأديبهم، والتحكم فيهم، فلذلك يتأكد على أوليائهم منعهم من دخول المساجد إلا بعد التأكد من فهمهم، وتعلمهم احترام المسجد، وتربيتهم على النظافة والأدب، وحفظهم عن كثرة الحركة، وما يسبب ضررا أو تشويشا للمنظر الظاهر في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع. وقد روى ابن ماجه في سننه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، و بيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم . . } هو عند ابن ماجه برقم 750. إلخ. قال البوصيري في الزوائد: "إسناده ضعيف، فإن الحارث بن نبهان متفق على ضعفه ذكر ذلك في مصباح الزجاجة 1\ 95، لكنه لم ينفرد به، فقد رواه البيهقي في سننه الكبرى " 1\ 103، عن أبي الدرداء وواثلة وأبي أمامة. اهـ. لكن له شواهد، فقد رواه الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة قالوا: سمعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: { جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وخصوماتكم، وأصواتكم، وسل سيوفكم، وإقامة حدودكم.. } إلخ [لكن في إسناده العلاء بن كثير الليثي الشامي وهو ضعيف] هو في المعجم الكبير في أحاديث أبي أمامة صدى بن عجلان برقم 7601 عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة وضعفه المعلق بالعلاء بن كثير كما ضعفه به البيهقي. . ورواه الطبراني في الكبير أيضا عن مكحول عن معاذ مرفوعا: { جنبوا مساجدكم صبيانكم، وخصوماتكم، وحدودكم، وشراءكم، وبيعكم.. } إلخ. لكن معاذا مات قديما فلم يدركه مكحول هو في معجم الطبراني الكبير في المراسيل عن معاذ برقم 369 وذكره لي مجمع الزوائد 26\2. قال: ومكحول لم يسمع من معاذ، وعزاه المعلق للطبراني في مسند الشاميين للطبراني برقم 3581 وخالف في إسناده، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن مكحول عن معاذ برقم 1726 بنحوه، ثم رواه عن مكحول مرسلا. . ولعل هذه الشواهد يقوى بها الحديث ليعرف أن له أصل، والعلة ما ذكرنا، فإن الصبيان وكذا المجانين يصعب تأديبهم والقبض عليهم، ولجهلهم بحرمة المكان يحصل منهم العبث الكثير والخبث، وتنجيس المكان ونحو ذلك فيتأذى بهم المصلون، ويشوشون على من حولهم فلزم منعهم. |