وإنَّ من جملة العبادات ما يتقرب به العباد في هذا الشهر الكريم شهر رمضان فإنهم يتقربون بأنواع من العبادات، فيتقربون بصيامه الذي هو فريضة من فرائض الإسلام، ويتقربون بقيام لياليه ويرجون بذلك مغفرة الذنوب والآثام، ويتقربون بكثرة الصدقات والنفقات في سبيل الله تعالى، يرجون بذلك جزيل فضل ربهم سبحانه وإكرامه، ويتقربون بتلاوة القرآن، ويتدبرونه ويتعقلون ما فيه من الفوائد والأحكام؛ وبذلك يكونون من أهل الإيمان والإسلام. إنَّ من جملة العبادات في شهر رمضان قيام لياليه، فإنها قُربة وعبادة، بيَّن نبيُّ الله -صلى الله عليه وسلم- فضل قيامه، وحث عليه، وفعل ذلك، ورغب فيه، فقال-صلى الله عليه وسلم- { من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } وقال- صلى الله عليه وسلم - { إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننتُ لكم قيامه } وكذلك رُوي عنه -صلى الله عليه وسلم - { إن الله جعل صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا } فأخبر أن قيام هذه الليالي نافلة وتطوع، ولكنه من أسباب مغفرة الذنوب وتكفير الخطايا، وكفى بذلك ثوابًا كبيرًا وأجرًا عظيمًا، ولكن مغفرة الذنوب في هذا الشهر اشترط لها ثلاثة شروط في هذا العمل: شرط القيام، وشرط الإيمان، وشرط الاحتساب، فمن كمَّل هذه الشروط رُجي مع حُسن النية مغفرة الذنوب، فلا بد من إكمال قيام هذه الليالي، والإكثار من الأعمال التي تطلب في هذا القيام، وكذلك لا بد أن يكون القائم مصدقا بأن هذا التهجد عبادة، وقربة وطاعة، وأن ربنا سبحانه رتب عليه المغفرة، وأنه أحبَّ من عباده أن يقوموا هذه الليالي ويقنتوا فيها، ولا بد أن يكون راجيا لفضل الله معترفا بنقصه وخطاياه، معتمدًا على الله أنه هو الذي يغفر الذنوب ويقبل الأعمال، ويضاعف الأجور، فمتى كان كذلك رُجي أن تُغفر له ذنوبه، وقد قيل: إن المغفرة للخطايا الصغيرة، أما الكبيرة فإنها تحتاج إلى توبة، فقد ورد أنه -صلى الله عليه وسلم - قال: { الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر } . فهذه الأعمال مكفرات لما بينهن، ولكن هذا الشرط الذي هو اجتناب كبائر الذنوب. |