والمراد بالعلم النافع هنا هو العلم الديني، الذي هو علم الشريعة، وعلم الديانة، الذي يتبصر به المسلم كيفية ما يقوله وما يحتاج إليه، سواء كان من أمور دنياه من كسبه ومعاملاته وغير ذلك، أو فيما يتعلق بأخلاقه وآدابه، أو فيما يتعلق بقرباته وحسناته أو تعبداته، أو فيما يتعلق بمعتقده الذي يكون عليه، كل ذلك من العلم الذي يجب عليك أن تتعلمه وتتبصر فيه. وأما قسم العبادات فعليك أن تتعلم كيف تعبد ربك، والكيفية التي إذا فعلتها خرجت من العهدة في العبادات، والقربات بلا شك حسنات يتقرب بها العبد إلى ربه فيتقرب مثلا بالطهارة الظاهرة، والطهارة الباطنة، وذلك يحتاج إلى تعلم كيفية تلك القربة، ويتقرب أيضا بالصلوات مثلا، والتقرب بها يحتاج إلى العلم، أي: معرفة كيف تكون الصلاة عبادة وكيف تتم، ويحتاج أن يتعلمها على التفصيل. وكذلك ما يتعلق بالنفقات اللازمة للعبد يتعلم ذلك بالتفصيل، حتى تكون صدقاته ونفقاته مقربة له إلى الله تعالى، وكذا العبادات البدنية كالصوم والجهاد والحج والعمرة وتعليم الخير والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك يحتاج إلى التعلم والتفقه. وأما ما يتعلق بالعقيدة فإنه يجب على الإنسان أن يتعلم ما يقوله بلسانه وما يعتقده بقلبه في ربه الذي معرفته غاية المعارف، والذي هو خالقه ومالكه. وكذلك ما يقوله ويعتقده في أسماء الله وصفاته، وكذلك فيما هو مقبل عليه بعد موته، وكيفية إيمانه بالحشر والجزاء وتفاصيل ذلك، كل ذلك يحتاج إلى التعلم والتفقه فيه. وكذلك يتعلم كيفية كسبه للمال الحلال، وشروط التكسب بالصناعة أو الحرفة أو التجارة أو ما أشبه ذلك، كل ذلك داخل في العلم النافع ولو كان من الأمور الدنيوية إذا قصد بذلك أن يعف نفسه وأن يستغني عن الخلق وأن يكسب كسبا حلالا وأن يقتات قوتا طيبا. وإذا عرفنا أن هذه من العلوم النافعة فإن هناك أيضا علوم الحرف الدنيوية قد يحتاج إليها، ويكون تعلمها من فروض الكفاية، ولكن هذه -غالبا- يتعلمها من ليس عالما بالله ولا عالما بحقوق الله وحدوده، بل يتعلمها الذين همهم كسب المادة وتحصيل المال من أي وجه كان، فتعلمها بلا شك فيه منفعة وفائدة، كتعلم علوم الهندسة والبناء والحفر والغرس والخياطة والخرازة وما أشبه ذلك. فهذه من العلوم الدنيوية، وتعلمها فيه مصلحة للعباد. |