س 109: وسئل -رعاه الله- يوجد في بعض المدارس تحزبات داخل المدرسة بين المدرسين؛ ونتيجة لذلك تظهر العداوات والبغضاء والحسد والحقد بينهم، وكل هذا من كيد الشيطان وتحريشه بينهم، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل لها أثر سيئ على الطالب؟ فأجاب: الواجب على المسلمين عمومًا أن يتحابوا فيما بينهم، وأن يحرصوا على الوفاق والصحبة والبعد عن الخلافات والمنازعات؛ وذلك لأنهم جميعًا يدينون بدين واحد، ويعبدون ربًّا واحدًا، ويتبعون نبيًّا واحدًا، وأن دينهم يحثهم على الاتفاق والاجتماع والتقارب والوحدانية على عقيدة أهل السنة والجماعة، فقد نهى الله -تعالى- عن التحزب والافتراق والخلافات كما في قوله -تعالى- { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } ؛ أي: تمسكوا بدينه واجتمعوا عليه، وكما قال -تعالى- { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا } والنهي هنا للتحريم. ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره الخلاف بين أصحابه ويقول: { اقْرَءُوا القُرْآَنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا } البخاري "الفتح" كتاب فضائل القرآن - باب اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم [8 / 719] "5060"، مسلم "النووي" كتاب العلم - النهي عن اتباع متشابه القرآن والتحذير من متبعيه [16 / 218 - 219]. وخرج مرة على أصحابه وهم يتنازعون في القَدَر فغضب عليهم وقال: { لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، ما علمتم منه فخذوه وما لم تعلموه فكِلوه إلى عالمه } مسند الإمام أحمد بن حنبل [2 / 185]، بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - كتاب القدر - باب النهي عن الكلام في القدر [7 / 412] "11853 "، الترمذي "التحفة" أبواب القدر- باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر [6 / 280] "2216"، قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المري، وصالح المري له غرائب يتفرد بها اهـ، سنن ابن ماجه - باب في القدر [1 / 33] "85"، قال الألباني في مشكاة المصابيح [1 / 80] "237" : وسنده حسن. . فننصح المدرسين الذين تجمعهم إدارة واحدة ومكان واحد أن يحرصوا على الاجتماع والاتفاق في الكلمة والوجهة والمنهج، وأن لا يتنازعوا ومتى وقع بينهم خلاف في حكم أو مسألة، ولم يكن هناك من يرجعون إليه، فإن لكل مجتهد نصيب، فيقر كل واحد أخاه على اجتهاده، ولا يكون هذا الاختلاف مسببًا للبغض والمقاطعة والانتقاد وتتبع الأخطاء، وعيب الآخرين وثلبهم والقدح في معلوماتهم؛ فإن ذلك كله حرام بين المسلمين عموما، فكيف بالزملاء والأصحاب الذين يجتمعون في كل يوم غالبًا، ولا شك أنه قد يقع اختلاف في الوجهات؛ بحيث أن هناك من يميل إلى الاقتضاب الاقتضاب: الاختصار والإيجاز. في الوعظ والإلقاء، وآخرون يميلون إلى التوسع والإسهاب، فلا يكون ذلك مسببًا للفرقة، وكذا لو مال أحدهم إلى منهج الوعظ في الدعوة وآخر إلى منهج المكاتبة فلكل منهم رأيه واختياره، ولا يقدح أحدهم في منهج الآخرين، والله الموفق. |