ص (ومن ذلك قوله تعالى { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه]. س 28 (أ) ماذا تدل عليه هذه الآية. (ب) وما العرش. (ج) واذكر تفاسير السلف للاستواء والجواب عن تفاسير المعطلة. ج 28 (أ) يمجد الرب تعالى نفسه باسمه الرحمن، ليتذكر الخلق سعة رحمته، ثم ذكر علوه على خلقه، واستواءه على عرشه. (ب) والعرش في اللغة سرير الملك، وهو هنا عرش حقيقي، خلقه الله، وخصه بالاستواء عليه، وقد ذكر في عدة مواضع. كقوله { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } [هود]، وقوله { رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ } [غافر]، وقوله: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } [البروج]، { وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [التوبة]، { رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [المؤمنون]، { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [الحاقة]، ونحوها، وقد ورد في الحديث { إن الكرسي بالنسبة إلى العرش كخلقه ألقيت بأرض فلاة } مع قوله تعالى { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } [البقرة]. (ج) وقد فسر السلف الاستواء بأربعة تفاسير، ذكرها ابن القيم رحمه الله بقوله في الكافية الشافية: ولهــم عبــارات عليهـا أربـع قــد حــصلت للفــارس الطعـان وهي استقـر, وقـد علا, وكذلك ار تفـع الـذي مــا فيــه من نكران وكـذاك قـد صعـد الذي هو رابع وأبـو عبيـدة صــاحب الشـيباني يختـار هــذا القـول في تفسيره أدرى مــن الجــهمي بــالقرآن وقد كدّرت نصوص الاستواء وتفاسير السلف لها صفو مشارب الجهمية، حتى تمنى الجهم بن صفوان أن يحك آية الاستواء من المصاحف، وقد ذهبوا في تأويلها كل مذهب، وطعنوا في تفاسير السلف بشبه وهمية زعموها عقلية، وإنما هي خيالات باطلة، وأغلب كتب النفاة تعتمد تفسير استوى باستولى، أو تفسير العرش بالملك، ويستدلون ببيت شعر وهو: قد استوى بشر على العراق مـن غير سيف أو دم مهراق وهذا التفسير غير معروف عند العرب، ولم ينقله أحد من أئمة اللغة، والبيت لا يعرف في دواوين العلم الصحيحة، وفيه تصحيف، وعلى تقدير ثبوته فالاستواء فيه هو الاستقرار، أي استقر على عرشها، واطمأن بها. ولو كان الاستواء في الآيات هو الاستيلاء لم يكن لتخصيص العرش فائدة، فإن الله تعالى مستول على جميع المخلوقات. |