[ وقوله سبحانه: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الحديد: 3]. وقوله سبحانه: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ } [الفرقان: 58]. الآية]. الشرح * قوله: (وقوله سبحانه: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ } ). هذه الآيات التي ذكرها المؤلف -رحمه الله- فيها إثبات صفة العلم ونحوه، وإثبات بعض الأسماء الأخرى الدالة على بعض الصفات. * فالآية الأولى: وهي قوله تعالى: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فيها إثبات هذه الأسماء، وقد فسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كان يقول في دعاء الاستفتاح في آخر الليل: { اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر } رواه مسلم أخرجه مسلم برقم (2713) في الذكر والدعاء، باب: "ما يقول عند النوم وأخذ المضجع "، عن البراء بن عازب رضي الله عنه. . ويجب علينا أن نعرف أولا أن كل اسم من أسماء الله سبحانه له ثلاث دلالات: 1- دلالة على ذات الرب تعالى بالمطابقة. 2- دلالة على الصفة المشتقة بالتضمن. 3- دلالة على بقية الصفات بالالتزام. (فالأول): ينطبق على الرب تعالى لا يصح لغيره، وكذلك (الآخر): لا يسمى به إلا الله تعالى، وكذلك (الظاهر والباطن)، فهذه الأسماء لا تنطبق إلا على الذات الربانية . كذلك هذه الأسماء تدل على الصفات المشتقة منها: (فالأول): يدل على القدم والأزلية. (والآخر): يدل على البقاء والأبدية. (والظاهر): يدل على صفة العلو. (والباطن): يدل على صفة القرب والمعية. وكل أسماء الله يشتق منها صفات، فمثلا: العليم: يؤخذ منه صفة العلم، والعزيز: يدل على صفة العزة، والرحيم: يدل على صفة الرحمة، والغفور: يشتق منه صفة المغفرة، والتواب: يشتق منه صفة قبول التوبة من عباده المؤمنين، والقهار: يؤخذ منه صفة القهر، وهكذا... قال تعالى: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ } [الشعراء: 217]. هذه الآية يؤخذ منها اسمان من أسماء الله: العزيز: وهو دال على صفة العزة، والرحيم: وهو دال على صفة الرحمة. وكقوله: { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران: 6]. و { وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [يونس: 107]. ونحو ذلك من الأسماء الحسنى، فكل اسم منها دال على صفة. * في الآية الثانية: وهي قوله سبحانه: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ } [الفرقان: 58]. الآية: فهذه الآية فيها ما تقدم أن كل اسم من أسماء الله تعالى يتضمن صفة مشتقة منه، ففي قوله -جل وعلا- { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ } ذكر لاسم من أسماء الله تعالى وهو " الحي" والذي يتضمن صفة الحياة الكاملة لله -سبحانه وتعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته، فحياته سبحانه ليست كحياة مخلوقاته، فإن حياة سائر المخلوقات ناقصة، ومعرضة للزوال في أي وقت من الأوقات، إذا شاء الله سبحانه الذي خلقها. وأما حياته -سبحانه- فهي حياة أزلية كاملة لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه، وقد أكد ذلك بقوله: { الَّذِي لَا يَمُوتُ } يعني: الذي لا يطرأ عليه الموت، وهو انقطاع الحياة، بل حياته أزلية أبدية باقية. |