[وقوله: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8]. وقوله عن إبليس: { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ص: 82]. ]. الشرح * قوله: (وقوله: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ). في هذه الآيات التي ساقها المؤلف -رحمه الله- إثبات صفة العزة لله عز وجل. *الآية الأولى: قوله: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } رد على المنافق الذي قال: { لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ } فرد الله عليه بقوله: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } . العزة: الغلبة والقوة والمنعة، وكمال القدرة، فأخبر الله -سبحانه- بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، هو العزيز الذي يعز رسله، وهو الذي ينصرهم، وهو الذي يعز عباده المؤمنين، وهو الذي يقويهم، فالعزة صفة ذاتية له؛ لأنها من الصفات الملازمة للموصوف. * الآية الثانية: حكى الله عن إبليس في سورة "ص" أنه أقسم بالعزة، فقال: { فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } دل على أن الله موصوف بالعزة، وذكر أن أسماء الله تدل على صفاته، وقد تكرر اسم العزيز في القرآن، في مثل قوله سبحانه: { وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [آل عمران: 62]. { إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [العنكبوت: 26]. { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [إبراهيم: 4]. فسمى الله نفسه العزيز في هذه الآيات، وكذلك ذكره بلفظ الفعل في قوله: { وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ } [آل عمران: 26]. وكذلك بلفظ اسم الفعل كما في هذه الآية: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } . ويدل هذا أيضا على جواز الحلف بصفات الله؛ لأن الحلف بها حلف بالمتصف بها، ويجوز أن تسأل الله بصفته، فتقول: أسألك بعزتك التي لا ترام، ويجوز أن تحلف بها، فتقول: وعزة ربي كذا وكذا. ولا يجوز الحلف بعزة المخلوق، فإن ذلك تعظيم لذلك المخلوق، كما حلف سحرة فرعون لما { فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ } [الشعراء: 44]. فأقسموا بعزته، فهذا تعظيم لذلك المخلوق. مسألة: بعض العوام يحلف فيقول: " ورب العزة" فهل هذا يجوز؟ الجواب: يجوز ذلك لأن الله قد أثبت ذلك، فقال تعالى: { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } [الصافات: 180]. فيجوز أن تجعل العزة صفة لله، وهي مشتقة من اسمه العزيز، ويجوز أن تضيفها إلى ربوبية الله، فتقول: رب العزة " يعني: مالك القوة، والقدرة والاستطاعة كلها مربوبة لله، كما قال تعالى: { رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } [الصافات: 180]. فإذا قلت: وعزة الله، فيكون مرادك الصفة التي هي من صفاته، فعزة الله يعني: صفة العزة التي له. وإذا قلت: ورب العزة فيكون مرادك ما خلقه من العزة في المخلوقات ونحوها. |