[ وقوله: { عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ، ينظر إليكم أزلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب] } أورده بهذا اللفظ ابن كثير في تفسيره عند تفسير قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ } [البقرة: 214،] وأورده بنحوه الإمام عبد الله بن أحمد في السنة برقم (1120) وضمن حديث طويل عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه. وقد سبق تخريج الجملة الأولى من الحديث وهي قوله: " عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ ". ولكن ذكره جميعهم بلفظ: "ضحك ربنا". . (الشرح) قوله: (وقوله: " عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ... "): في هذا الحديث إثبات صفة العجب وهي من الصفات الفعلية التي وردت بها الأدلة، كهذا الحديث، وحديث : { عجب ربك من الشاب ليست له صبوة } عاصم 1 / 207، 285، 286 ، صفة 292 ، منثور 6 / 290. . واستدل عليه بقوله تعالى: { وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } [ الرعد: 5] الآية، وبقوله تعالى: { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } [ الصافات: 12] وفيها قراءتان سبعيتان بفتح التاء وضمها، ولا شك أن قراءة الضم ثابتة مقروء بها، وفيها الدلالة على إثبات صفة العجب لله تعالى، كما يشاء وكما يليق به، وليس كعجب المخلوق. ولا يجوز إنكار الصفات التي وردت في الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، اعتمادًا على قواعد أهل الكلام، من أن ذلك يستلزم حلول الحوادث بالله تعالى، أو أنه يلزم منه تجدد شيء لم يكن متصفًا به، ونحو ذلك من التقديرات التي يفترضونها، وتكون عندهم أدلة عقلية مسلمة، يردون لأجلها النصوص الصحيحة، أو يحملونها على محامل بعيدة، ويتأولونها بصفات أخرى لا تناسبها. فصفة العجب في المخلوق هي حدوث أمر عجيب غريب، يدهش الناظر إليه، ويعجب له، والله تعالى يعجب كما يشاء، منه عجبه من قنوط العباد من رحمته مع قرب غِيَرِهِ، أي تغييره أحوالهم من حسن إلى أحسن، أو من سيئ إلى حسن، فعليهم أن يحسنوا ظنهم بربهم حتى يرحمهم فهو أرحم الراحمين. |