[س 18]: ما تفسير علماء السلف رحمهم الله لقوله تعالى: { إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ } ؟ الجواب: لا شك أن روح القدس هو الملك الذي هو جبريل -عليه السلام- وهذا هو القول الراجح كما قاله ابن كثير، وجزم به في تفسيره انظر تفسير ابن كثير، سورة البقرة (1 \ 110). قوله تعالى: { وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } وذكر أن ابن مسعود نص عليه، وتابعه على ذلك ابن عباس ومحمد بن كعب وإسماعيل بن خالد والسدي والربيع بن أنس وعطية العوفي وقتادة، وذكر في قوله تعالى: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ } وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: { أجب عني، اللهم أيده بروح القدس } أخرجه البخاري برقم (453) كتاب الصلاة باب (الشعر في المسجد). ومسلم برقم (2485) كتاب فضائل الصحابة باب (فضائل حسان بن ثابت). وأحمد في المسند (5 \ 222). وأخرجه النسائي برقم (716) كتاب المساجد باب (الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد) كلهم عن أبي هريرة رضي الله عنه. . وفي بعض الروايات أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لحسان: { اهجهم وجبريل معك } أخرجه البخاري برقم (6153) كتاب الأدب باب (هجاء المشركين)، عن البراء رضي الله عنه. وأخرجه مسلم برقم (2486) كتاب فضائل الصحابة باب (فضائل حسان بن ثابت)، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه-. . وقال حسان: وجـبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس به خفاء وروى ابن حبان وغيره عن ابن مسعود، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: { إن روح القدس نفث في روعي إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها } أخرجه أبو نعيم في الحلية (10\27) عن أبي أمامة. وصححه الألباني وهو في صحيح الجامع رقم (2085)، وصححه أيضا في تخريج أحاديث مشكلة الفقر، للقرضاوي (15). . وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن قالا: القدس هو الله وروحه جبريل، أي روح من الأرواح التي خلقها الله. وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس (بروح القدس) هو الاسم الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى، ونقل نحوه عن سعيد بن جبير وعبيد بن عمير. وقال الربيع بن أنس: القدس هو الله تعالى، وقال السدي: القدس: البركة، وقال العوفي عن ابن عباس: القدس: الطهر، وقال ابن زيد: أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا. وقال الزمخشري: بالروح المقدسة: أي روح عيسى نفسه المطهرة. والصحيح الأول وعليه الجمهور، وسمي عيسى روحا من الله؛ لأنه من الخلق الذين خلق أجسامهم وأرواحهم، وسمي جبريل روحا؛ لأنه روح مجردة من جسم محسوس، وهو مقدس أي منزه ومطهر عن المعاصي والمخالفات، فإن التقديس هو التطهير والتعظيم، كقول الملائكة: { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } أي نعظمك ونجلك وننزهك عن النقائص والمعائب. |