[س 26]: لقد بشر عيسى -عليه السلام- برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- ونبوته، فهل هذا كاف لإقامة الحجة على النصارى؟ الجواب: قال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } عيسى -عليه السلام- هو آخر أنبياء بني إسرائيل، وقد قام خطيبا في الملأ من بني إسرائيل مبشرا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهو أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي لا رسالة بعده ولا نبوة، فأحمد من أسماء نبينا -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيحين عن جبير بن مطعم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { إن لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب } أخرجه البخاري برقم (3532) كتاب المناقب، باب: ما جاء في أسماء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقول الله -عز وجل- [الفتح \ 29]: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ } وقوله [الصف\ 6]: { مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } وأخرجه مسلم برقم (2354) كتاب الفضائل، باب (في أسمائه -صلى الله عليه وسلم-). وأخرجه أحمد في المسند (4\ 80، 81، 84). وأخرجه الترمذي برقم (2849)، كتاب الأدب باب (ما جاء في أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم-). وأخرجه الدارمي برقم (2673) كتاب الرقاق باب (في أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم-) كلهم عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه. . وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمي لنا نفسه أسماء فقال: { أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة ونبي الرحمة } أخرجه مسلم برقم (2355) كتاب الفضائل باب: (في أسمائه -صلى الله عليه وسلم-). وأخرجه أحمد في المسند (4 \ 395، 404، 407) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وقد قال تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ } وروى ابن إسحاق عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- { قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى } أخرجه أحمد في المسند (4\127، 128). وأخرجه ابن حبان في صحيحه (8\106). وأخرجه البيهقي في الدلائل (1\ 80، 81) كلهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه. وقد روى الإمام أحمد نحوه عن أبي أمامة وغيره أخرجه أحمد في المسند (5\262) عن أبي أمامة رضي الله عنه. وأخرجه الحاكم في المستدرك (2\ 600). والبيهقي في الدلائل (1\ 83). أي أنا الذي بشر بي عيسى في هذه الآية. فإذا كان عيسى قد بشر به، وقد وجدوه مكتوبا عندهم في كتبهم فقد قامت الحجة عليهم، ولا عذر لهم في تركهم اتباعه. والله أعلم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) نصوصا كثيرة جدا في إثبات رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- فليراجع (5\ 250) من أراد التوسع، ولعلي أكتفي بذكر مقالة واحدة ذكرها شيخ الإسلام (5\ 278) من سفر دانيال، حيث قال -رحمه الله- في البشارة الثالثة: (وقال دانيال النبي- أيضا: سألت الله وتضرعت إليه أن يبين لي ما يكون من بني إسرائيل، وهل يتوب عليهم، ويرد إليهم ملكهم، ويبعث فيهم الأنبياء، أو يجعل ذلك في غيرهم؟ فقال دانيال: فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه، فقال: السلام عليكم يا دانيال، إن الله تعالى يقول: "إن بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا علي وعبدوا من دوني آلهة أخرى، وصاروا من بعد العلم إلى الجهل ومن بعد الصدق إلى الكذب، فسلطت عليهم بخت نصر، فقتل رجالهم وسبا ذراريهم، وهدم بيت مقدسهم، وحرق كتبهم، وكذلك فعل من بعده بهم، وأنا غير راض عنهم، ولا مقيلهم عثراتهم، فلا يزالون من سخطي حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول فأختم عليهم عند ذلك باللعن والسخط، فلا يزالون ملعونين، عليهم الذلة والمسكنة، حتى أبعث نبي بني إسماعيل، الذي بشرت به هاجر، وأرسلت إليها ملاكي فبشرها، فأوحي إلى ذلك النبي، وأعلمه الأسماء وأزينه بالتقوى، وأجعل البر شعاره، والتقوى ضميره، والصدق قوله، والوفاء طبيعته، والقصد سيرته والرشد سنته، أخصه بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتب، وناسخ لبعض ما فيها، أُسري به إلي، وأرقيه من سماء إلى سماء، حتى يعلو فأدنيه، وأسلم عليه وأوحي إليه، ثم أرده إلى عبادي بالسرور والغبطة، حافظا لما استودع، صادعا بما أمر، يدعو إلى توحيدي باللين من القول والموعظة الحسنة، لا فظ، ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، رؤوف بمن والاه، رحيم بمن آمن به، خشن على من عاداه، فيدعو قومه إلى توحيدي وعبادي، ويخبرهم بما رأى من أيامي فيكذبونه ويؤذونه) سفر دانيال، الإصحاح التاسع كله، والعهد القديم (1003- 1004). ولعل هذا النص الواضح البين فيه كفاية لطالب الحق ومتبع، الهدى نسأل الله الهداية للجميع. . |