قوله: [ويباح إناء ضبب بضبة يسيرة من الفضة لغير زينة] لما روى أنس -رضي الله عنه- { أن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة } رواه البخاري أخرجه البخاري (2\ 276). . الشرح: المضبب هو ما يطلق عليه (الملحم) والضبة هي التي أخذ منها التضبيب، وهي حديدة تجمع بين طرفي المنكسر، فكانوا إذا انكسرت الصفحة من الخشب مثلا يخرزونها بهذه الحديدة خرزا، فالمضبب بالذهب أو الفضة محرم لقوله -صلى الله عليه وسلم- { من شرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم } رواه البيهقي هو في "السنن الكبرى" للبيهقي (1\ 29)، ورجح وقفه على ابن عمر. (ج). إلا أن العلماء استثنوا أن يضبب الإناء بضبة يسيرة من الفضة لا من الذهب؛ لأن قدح النبي -صلى الله عليه وسلم- انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، والسلسلة هي الشريط الدقيق الذي يلتئم به الإناء المشروخ. فالتضبيب يجوز بشروط: 1- أن تكون الضبة يسيرة. 2- أن تكون من فضة. 3- أن تكون لحاجة، لما سبق من تضبيب قدح النبي صلى الله عليه وسلم. وبهذا نعلم أنه لا يجوز التضبيب بالذهب ولا بالفضة إذا كانت كثيرة لأنه يوجد من المعادن الأخرى كالنحاس ما يقوم مقامها. وحيث أبيحت الضبة اليسيرة من الفضة لحاجة فإنه يكره الشرب منها؛ لأنك تكون بذلك مستعملا للفضة، أما إذا احتجت لذلك بأن يكون فم الإناء مشققا إلا من جهة الضبة، أو كان ما في الإناء يتدفق لو لم تشرب من جهة الضبة، فلا حرج حينئذ من مباشرتها بالفم. وقوله المؤلف: (الغير زينة) أي أن يستعملها للحاجة لا للزينة، قال شيخ الإسلام: (إن مرادهم أن يحتاج إلى تلك الصورة لا إلى كونها من ذهب وفضة، فإن هذه ضرورة وهي تبيح المفرد) " الإنصاف " (1\ 84). فالحاجة غير الضرورة؛ لأن الضرورة تبيح المحرمات، أما الحاجة فهي أن يحتاج الشيء مع كون غيره يسد مسده. |