قوله: [ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بلا حائل] لقول أبي أيوب: قال رسوله الله -صلى الله عليه وسلم- { إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا. قال أبو أيوب : فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بينت نحو الكعبة، ننحرف عنها، ونستغفر الله } متفق عليه خرجه البخاري (1\ 396) ومسلم (1\ 154). . الشرح: ذكر الشارح حديث أبي أيوب دليلا على اختيار المؤلف، مع أن أبا أيوب كما في الحديث يرى عموم النهي، سواء في الصحراء أم في البنيان، لأنه كان ينحرف عن القبلة قليلا في البنيان ويستغفر الله، وهذا لفهمه العموم من النهي. ولعل ما يشهد لاختيار المؤلف هو حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- { لما رقى على بيت أخته حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- على حاجته مستقبل الشام } رواه البخاري (1\ 250)، ومسلم (1\ 225). فهو -رضي الله عنه- ما رآه إلا بعدما رقى، فدل هذا على أن بينه وبين القبلة سترة، وهو البناء. ومما يستدل به لهم- أيضا- حديث جابر - رضي الله عنه- { نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها } أخرجه أبو داود (1\ 21)، والترمذي (1\ 15)، وابن ماجه (1\ 117)، والحاكم (1\ 154) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وحمل هذا على أنه استقبلها بحائل. ومما استدلوا به أيضا: حديث عائشة - رضي الله عنها- وفيه أن أناسة كانوا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال -صلى الله عليه وسلم- { أو قد فعلوه؟ حولوا مقعدتي إلى القبلة } أخرجه أحمد (6\ 184)، وابن ماجه (1\ 117)، والبيهقي (1\ 92)، وحسنه النووي في "شرح مسلم " (3\ 154). ولكن ليس فيه دلالة على أنه حالة قضاء الحاجة، فلعله أراد الجلوس، أو نحو ذلك. وقد ذهب شيخ الإسلام الاختيارات (ص 8). وتبعه الشوكاني في (النيل) (1\ 76- 83). و المباركفوري في (تحفة الأحوذي) (1\58). إلى أنه لا يجوز استقبال القبلة أو استدبارها مطلقا، سواء في البنيان أم في الصحراء، واستدلوا بالأحاديث القولية الصريحة، كحديث أبي أيوب و حديث سلمان وأحاديث أخرى صريحة، وليس فيها التفريق بين البنيان والصحراء. وأما حديث ابن عمر فلعله خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لأن أحاديث الفعل تحتمل الخصوصية. وأما حديث جابر ففيه ضعف. |