الختان

قوله: [والختان واجب على الذكر والأنثى] لأنه من ملة إبراهيم -عليه السلام- وفي الحديث { اختتن إبراهيم بعدما أتت عليه ثمانون سنة } متفق عليه أخرجه البخاري (6\ 300) ومسلم (7\ 97). وقد قال تعالى { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } وقال -صلى الله عليه وسلم- لرجل أسلم: { ألق عنك شعر الكفر واختتن } رواه أبو داود حسن: رواه أبو داود (1\ 59) وعنه البيهقي (1\ 172). . وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- { إذا التقى الختانان وجب الغسل } أخرجه البخاري (1\ 313) عن أبي هريرة. ومسلم (1\ 187) عن عائشة. دليل على أن النساء كن يختتن، وقال أحمد كان ابن عباس يشدد في أمره حتى قد روي عنه أنه لا حج له ولا صلاة. [عند البلوغ وقبله أفضل] لأنه أقرب إلى البرء، ولأنه قبل ذلك ليس مكلفا. ونقل في الفروع عن الشيخ تقي الدين أنه قال: يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة الفروع (1\ 95). . الشرح: الختان بالنسبة للذكر هو قطع الجلدة التي فوق الحشفة، تسمى القلفة، أو الغرلة، وبالنسبة للأنثى هو قطع لحمة زائدة فوق محال الإيلاج، قال الفقهاء- رحمهم الله- بأنها تشبه عرف الديك، وسبب الختان للرجال هو تكميل الطهارة حتى لا يبقى في القلفة شيء من بول نجس، وربما تقاطر على ثوبه، فشرع قطعها لتمام الطهارة، وأول من سن الختان إبراهيم -عليه السلام- كما، روى ذلك البخاري، المذهب أنه واجب على الرجال عند البلوغ؛ لأنه قبله لم يكن مكلفا، ولقول ابن عباس { كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك } رواه البخاري قال شيخ الإسلام: (يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة). وأما إذا خاف على نفسه من الختان فإن وجوبه يسقط عنه، وذلك كأن يسلم من هو كبير السن- مثلا- ويكون إسلامه في زمن الشتاء فيخشى إذا اختتن أن يتسمم الجرح، فله تأخير الختان إلى وقت مناسب. ومثله من كان في بلاد شديدة البرد أو الحر أو الرطوبة فيخشى أن يتأخر برء الجرح إذا اختتن، فله تأخير الاختتان إلى الوقت المناسب. وأدلة وجوب الختان قد ذكر الشارح شيئا منها، ومن ذلك حديث { من أسلم فليختتن } ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص (4\ 82) عن الزهري مرسلا وقال: رواه حرب بن إسماعيل. (ج). قال الزهري (كان الرجل إذا أسلم أمر بالاختتان) هو رواية من الحديث قبله. (ج). . ومنها أن الاختتان تكشف له العورة، فلو لم يكن واجبا لم يجز كشفها له. ومنها أنه ميزة بين المسلمين والنصارى حيث كان المسلم يعرف بالختان، بخلاف الكافر النصراني الذي لا يختتن. ومنها أن الختان قطع شيء من بدن الإنسان وهذا لا يجوز ومحرم، والحرام لا يباح إلا بالواجب. ومنها أنه يقوم به ولي اليتيم، وهو اعتداء عليه وعلى ماله؛ لأنه سيعطي الخاتن أجره من مال اليتيم، فلو لم يكن واجبا لما جاز هذا الفعل والاعتداء منه على ماله وبدنه. وقيل: الختان واجب على الرجال سنة للنساء - وهو رواية في المذهب- كما في الإنصاف (1\ 124). لقوله -صلى الله عليه وسلم- { الختان سنة للرجال مكرمة للنساء } رواه أحمد (5\75)، والبيهقي (8\325) عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه به. (ج). ؛ ولأنه يتوصل به إلى كمال الطهارة، ولاتفاق المسلمين عليه في حق الرجل، وأما النساء فغاية فائدته أنه يقلل من غلمتها أي شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى. وذهب مالك و أبو حنيفة إلى أنه سنة في حق الرجل والمرأة واحتجوا بحديث { الفطرة عشرة: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط والانتضاح بالماء والختان والاستحداد } هكذا رواه البيهقي (1\53) عن عمار بن ياسر- رضي الله عنه-، وقد رواه مسلم في الطهارة عن عائشة، وليس فيه الختان. (ج). قالوا: فلو لم يكن سنة لما ذكر مع هذه السنن. والجواب عن هذا أن نقول بأن هذا غير ممتنع، وهو أن يذكر الواجب بين السنن، فقد يقترن المختلفان، كما في قوله تعالى: { كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } والأكل مباح، والإيتاء واجب، ونظائر هذا كثير في الكتاب والسنة. فالصواب في هذه المسألة أن الختان واجب على الرجال وسنة للنساء، وأنه يستحب فعله في الصغر لأنه أسرع برء، ولينشأ المولود على أكمل الأحوال، قال مكحول: (ختن إبراهيم - عليه السلام- ابنه إسحاق لسبعة أيام) أخرجه البيهقي (8\ 326). ولا توقيت في ذلك، فمتى اختتن قبل البلوغ كان مصيبا.