الترتيب

قوله: [والترتيب] لأن الله تعالى ذكره مرتبا، وتوضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرتبا وقال: { هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به } ضعيف: أخرجه أحمد (رقم 5735) وابن ماجه (رقم 419) من حديث ابن عمر بلفظ "توضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة مرة، ثم قال:... فذكره ". قال الألباني بعد أن ذكر طرق الحديث (فأنت ترى أنه ليس في هذه الأحاديث- على ضعفها- ذكر الترتيب لا تصريحا ولا تضمينا) ثم ذكر أن ابن شاهين أخرجه في الترغيب (ق 262\ 1-2) من طريق طلحة بن يحيى عن أنس بلفظ "دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضوء فغسل وجهه ويديه مرة، ورجليه مرة، وقال:... فذكر الحديث " قال الشيخ الألباني (هو منقطع؛ لأن طلحة هذا لم يلق أحدا من الصحابة). أي بمثله. الشرح: الفرض الخامس من فروض الوضوء هو الترتيب ؛ لأنه سبحانه وتعالى قد ذكر الوضوء مرتبا في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } فلا يجوز لأحد أن يخل بهذا الترتيب، ومما يدلي لهذا أنه تعالى قد أدخل ممسوحا- وهو الرأس- بين مغسولين- وهما اليدان والرجلان- وهذا خروج عن مقتضى البلاغة، والقرآن أبلغ ما يكون من الكلام، ولا نعلم لهذا الخروج عن قاعدة البلاغة فائدة إلا الترتيب. ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد رتب وضوءه وقال: { هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به } . ولأن الوضوء عبادة ذات أجزاء، فكان الترتيب فيها واجبا كالصلاة. ولأن الذين نقلوا وضوءه -صلى الله عليه وسلم- لم ينقلوه إلا مرتبا، وفي هذا تفسير لآية الوضوء. ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال: { ابدأ بما بدأ الله به } رواه مسلم كما في شرح النووي (8\ 170). . فإذا علم أن الترتيب فرض من فروض الوضوء، فلو بدأ الإنسان بشيء من أعضاء الوضوء قبل غسل وجهه لم يحسب له حتى يأتي به في موضعه. مثلا: لو غسل يديه إلى المرفقين ثم غسل وجهه لم يحسب له غسل اليدين، بل لا بد أن يغسلهما في موضعهما كما في الآية، أي بعد غسل الوجه، وهكذا يقال في بقية الأعضاء.