الصلاة والتسليم على الأنبياء

[س 35]: أيهما- سدد الله خطاكم- أفضل أن نقول: عيسى -عليه السلام- أو: -صلى الله عليه وسلم-؟ الجواب: اشتهر أن الأنبياء السابقين يقال في حق أحدهم: -عليه السلام- أو عليهم السلام. وأن نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- اختص بهذا اللفظ ؛ لقوله تعالى: { صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ومع ذلك يجوز أن يقال في حق كل نبي من الأنبياء: -صلى الله عليه وسلم- أو عليه الصلاة والسلام، وذلك أن الصلاة من الله تعالى هي ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ويعم ذلك الأنبياء جميعا، وقد يجوز ذلك في حق غير الأنبياء من عباد الله الصالحين، إلا أن ذلك لا يتخذ عادة، بل يقتصر على الترضي والترحم، ودليل الجواز قوله تعالى: { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ } والصلاة من الملائكة: الاستغفار، والصلاة من الآدميين: الدعاء، والله أعلم قال ابن القيم الجوزية في كتابه: (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام) الباب السادس صفحة 254: أما سائر الأنبياء والمرسلين فيصلى عليهم ويسلم. قال تعالى عن نوح: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } وقال عن إبراهيم خليله: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ } وقال في موسى وهارون: { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ } وقال: { سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ } فالذي تركه سبحانه على رسوله في الآخرين هو السلام عليهم المذكور. وقد قال جماعة من المفسرين، منهم مجاهد وغيره: وتركنا عليهم في الآخرين: الثناء الحسن ولسان الصدق للأنبياء كلهم. وهذا قول قتادة أيضا، ولا ينبغي أن يحكى هذا قولان للمفسرين كما يفعله من له عناية بحكاية الأقوال. بل هما قول واحد، فمن قال: إن المتروك هو السلام عليهم في الأخرى نفسه. فلا ريب أن قوله: { سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ } جملة في موضع نصب بتركنا، والمعنى أن العالمين يسلمون على نوح ومن بعده من الأنبياء. ومن فسره بلسان الصدق والثناء الحسن نظر إلى لازم السلام وموجبه، وهو الثناء عليهم، وما جعل لهم من لسان الصدق الذي لأجله إذا ذكروا سلم عليهم...: وقد حكى غير واحد الإجماع على أن الصلاة على جميع النبيين مشروعة. منهم الشيخ محي الدين النواوي وغيره، وقد حكى عن مالك رواية أنه لا يصلي على غير نبينا -صلى الله عليه وسلم-، ولكن قال أصحابه: هي مؤولة بمعنى إنا لم نتعبد بالصلاة على غيره من الأنبياء. كما تعبدنا الله بالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- . .