تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء

[س 36]: هل تفضيل محمد -صلى الله عليه وسلم- على عيسى وسائر الأنبياء في كل شيء ؟ وكيف تكون المفاضلة؟ الجواب: لا شك أن الله قد فضل الأنبياء، على خلقه من غير الأنبياء، ثم إنه فضل بعضهم كما قال تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } وقال تعالى: { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا } وأفضل الأنبياء: أولو العزم الخمسة المذكورون في قوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } فبدأ بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وأفضل أولي العزم: الخليلان محمد و إبراهيم وأفضلهما محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد فضله عليهـم بما خصه به كقوله -صلى الله عليه وسلم- { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي... } { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة } أخرجه البخاري برقم (438) كتاب الصلاة باب (قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا) عن جابر رضي الله عنهما. وأخرجه مسلم برقم (3) في كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وأخرجه أحمد في المسند (3\ 304) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وأخرجه النسائي برقم (432) كتاب الغسل، باب (التيمم بالصعيد) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وأخرجه الدارمي برقم (1361) كتاب الصلاة، باب (الأرض كلها طهور ما خلا المقبرة والحمام) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. . متفق عليه فالمفاضلة في خصائصه، وفي قربه عند ربه، وفي قبول شفاعته في الموقف يوم القيامة، وفي المقام المحمود الذي يبعث به، وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- { لا تفضلوني على موسى } أخرجه البخاري برقم (2411) كتاب الخصومات باب (ما يذكر في الإشخاص والملازمة، والخصومة بين المسلم واليهودي) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه مسلم (160 \ 2373) في كتاب الفضائل باب (من فضائل موسى -صلى الله عليه وسلم- ) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه أحمد في المسند (2\ 264) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه أبو داود برقم (4671) كتاب السنة، باب (التخيير بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) عن أبي هريرة رضي الله عنه. . فقاله من باب التواضع ومن باب الاعتراف لموسى بالفضل لما آتاه الله من المعجزات، ولا شك أن الله خصه بالتكليم في قوله: { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } وقد حصلت لنبينا -صلى الله عليه وسلم- جميع خصائص الأنبياء، ومثل معجزاتهم، كما ذكر ذلك في كتب السيرة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد قال شارح الطحاوية القاضي علي بن علي بن محمد أبي العز الدمشقي، تحقيق د. عبد الله التركي وشعيب الأرنؤوط صفحة (159) في جواز التفضيل بين الأنبياء إلا إذا كان على وجه الحمية فقال: إن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس كان مذموما، بل نفس الجهاد إذا قاتل الرجل حمية وعصيبة كان مذموما، فإن الله حرم الفخر، وقد قال الله تعالى: { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } وقال تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر أو على وجه الانتقاص بالمفضول، وعلى هذا يحمل أيضا قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا تفضلوا بين الأنبياء " إن كان ثابتا، فإن هذا قد روي في نفس حديث موسى، وهو في البخاري وغيره، لكن بعض الناس يقول: إن فيه علة، بخلاف حديث موسى فإنه صحيح لا علة فيه باتفاقهم. وقد أجاب بعضهم بجواب آخر وهو: إن قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا تفضلوني على موسى " وقوله: " لا تفضلوا بين الأنبياء " نهي عن التفضيل الخاص، أي لا يفضل بعض الرسل على بعض بعينه، بخلاف قوله: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " فإنه تفضيل عام. .