قوله: [وأن يتولى وضوءه بنفسه من غير معاون] روي عن أحمد أنه قال: ما أحب أن يعينني على وضوئي أحد لأن عمر قال ذلك. ولا بأس بها لحديث المغيرة { أنه أفرغ على النبي -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه } رواه مسلم أخرجه البخاري (10\ 220) ومسلم (1\ 158). . وقول عائشة { كنا نعد له طهوره وسواكه } رواه مسلم (1\ 169- 170). . الشرح: معاونة المتوضئ مباحة بأن يقرب له ماءه، أو يصب عليه، وهذا لا يحتاج لدليل لأنه الأصل، وقد دل على ذلك أدلة، منها حديث أسامة { أنه صب على النبي -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه في حجة الوداع بعد دفعه من عرفة بينها وبين المزدلفة } رواه مسلم في حديث جابر الطويل في صفة الحج. ومنها حديث المغيرة { أنه صب عليه -صلى الله عليه وسلم- في وضوئه ذات ليلة في غزوة تبوك } رواه مسلم في الطهارة بوقم (75- 79). وغيرها من الأحاديث المشابهة. وذهب بعض العلماء إلى كراهية هذا؛ لأن الوضوء عبادة فلا ينبغي أن يستعين الإنسان فيها بغيره، ولحديث { إنا لا نستعين على الوضوء بأحد } رواه البزار كما في الكشف برقم (260) عن عمر- رضي الله عنه- بلفظ "لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد" ورواه أبو يعلى في مسنده برقم (231) بلفظ "مه يا عمر، فإني أكره أن يشركني في طهوري أحد" وقال البزار: لا نعلمه يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد. (ج). . والصواب جواز ذلك وأنه من باب التعاون على البر والتقوى لاسيما عند الحاجة، وأما الحديث السابق فهو حديث باطل لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره الهيثمي لا مجمع الزوائد (1\ 227)، قال: وفي إسناده أبو الجنوب، وهو ضعيف. يعني الذي رواه عن علي -رضي الله عنه-، والراوي عن أبي الجنوب هو النضر بن منصور، ضعيف مجهول، قاله ابن معين. (ج). . وكما تباح معاونة المتوضئ فإنه يتاح له تنشيف أعضائه بعد الوضوء لحديث قيس بن سعد - رضي الله عنهما- قال: { أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوضعنا له غسلا فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسيه فالتحف بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس في عكنه } رواه أحمد في المسند (3\ 421، 6\ 6)، وابن ماجه برقم (466)، وأبو داود في الأدب برقم (5185) مطولا، وذكر أنه روي أيضا مرسلا. (ج). وكذا حديث سلمان - رضي الله عنه- { أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه } رواه ابن ماجه عنه برقم (468)، وفي الزوائد: إسناده صحيح، ورواته ثقات (ج). . وأما حديث ميمونة في وصف اغتسال النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: { أتيته بالمنديل فلم يمسه، وجعل يقول بالماء هكذا- يعني ينفضه- } رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض، برقم (37) عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها. فهذا الحديث لا يدل على عدم جواز التنشيف؛ لأنه قضية عين، فيحتمل أنه رد المنديل لسبب فيه، أو لعدم نظافته، أو أنه يخشى أن يبله بالماء، أو نحو ذلك، بل قد يقال بأن إتيانها- رضي الله عنها- بالمنديل دليل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان من عادته تنشيف أعضائه بعد الوضوء أو الغسل. والأفضل أن يقال: الأولى ترك التنشيف لحديث ميمونة السابق إلا إذا احتاج إليه، قال ابن القيم (لم يكن -صلى الله عليه وسلم- يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء) "زاد المعاد" (1\ 197). . |