شروط المسح على الخفين

قوله: [يجوز بشروط سبعة: لبسهما بعد كمال الطهارة] لما روى المغيرة قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سفر فأهويت لأنزع خفيه، فقال { دعهما فإني أدخلتهما، طاهرتين فمسح عليهما } متفق عليه سبق تخريجه. . الشرح: ذكر المصنف أن للمسح على الخفين سبعة شروط الشرط الأول: لبسهما بعد كمال الطهارة بالماء، وقوله: بالماء، يخرج الطهارة بالتيمم، فالذي يتيمم ثم يلبس الخف، فإنه إذا وجد الماء لا يمسح عليه لأنه لبسه على طهارة تيمم؛ بل عليه أن ينزعه ليغسل القدمين؛ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم- { دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين } أي: مغسولتين في طهارة بالماء. ولكن لا يشترط في التيمم نزع الخفين، أي أن الإنسان إذا أراد أن يتيمم وعليه الخفان، وقد لبسهما على طهارة، أو غير طهارة، فلا حاجة إلى نزعهما للتيمم، ولو استمر على هذه الحال عدة أيام. ولكن: هل من شرط اللبس أن يلبسهما بعدما تتم طهارته، أم يجوز أن يغسل إحدى قدميه ويلبس الخف عليها، أي قبل أن يغسل، الأخرى؟ هذا فيه خلاف: منهم من يقول بأنه لا يشترط أن يغسل القدم اليسرى قبل لبس الخف على القدم اليمنى. والقائلون بهذا هم أشهر العلماء كشيخ الإسلام، كما في "الاختيارات" (ص 14). وكذا ابن القيم، كما في "إعلام الموقعين" (3\ 382). .، وأكثر فقهاء الحنابلة وغيرهم، فهم يقولون: لا بد أن يغسل اليسرى قبل لبس اليمنى- كما سبق- ودليلهم ظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم- { دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين } . يعني: حال كونهما طاهرتين، فابتدائي بإدخالهما حال كونهما قد طهرتا انظر: "المغني" (1\ 175)، و"الشرح الكبير" ، (1\ 69). فلو ابتدأ باللبس قبل طهارة إحداهما، لم تكونا طاهرتين. والقول الأول هو الذي يختاره بعض المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية أي أنه يجوز أن يلبس اليمنى قبل غسل اليسرى، وذلك لأن المراد بقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث { طاهرتين } هو وصفهما بالطهارة، وإن لم يكن الحال معتبرا. وهذا قول له وجهه- إن شاء الله- وإن كان الاحتياط هو العمل بظاهر الرواية السابقة. وإذا اعتبرنا ذلك، اعتبرناه من الفعل التعبدي الذي لا نعرف علته. يعني: إذا اعتبرنا كلام الفقهاء أنه لا بد من طهارة كاملة قبل بدء اللبس، لم نجد لذلك عفة، بل اعتبرناه من الأفعال التعبدية. ولكن الصحيح- إن شاء الله- أنه يجوز أن يلبس اليمنى قبل أن يغسل الأخرى؛ لأن الحال أنه قد ادخل هذه وهي طاهرة. وقد أيد صاحب (نيل الأوطار) الإمام الشوكاني - رحمه الله- هذا القول برواية { أدخلتهما وهما طاهرتان } وذكر بأن كلمة (وهما) تدل على أن كل واحدة منهما طاهرة "نيل الأوطار" (1\ 181).. ونصن كلامه (... من روى "فإني أدخلتهما وهما طاهرتان" قد يتمسك بروايته هذا القائل من حيث إن قوله "أدخلتهما" يقضي كل واحدة منهما، فقوله "وهما طاهرتان" يصير حالا من كل واحدة، فيكون التقدير: أدخلت كل واحدة منهما حال طهارتها). . فالمسألة فيها سعة- إن شاء الله-.