قوله: [ السادس: غسل الميت أو بعضه] : لأن ابن عمر و ابن عباس كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء. قال أبو هريرة { أقل ما فيه الوضوء } قال الشيخ ابن جبرين- حفظه الله- في تعليقه على "شرح الزركشي " (1\263): (لم أجد قول أبي هريرة: أقل ما فيه الوضوء، وإنما يتناقله فقهاء الحنابلة في كتبهم، كما في "الكافي" (1\58)، وغيره ولعله في كتب المحدثين القدامى، كالأثرم والنجاد). ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة، وقيل: لا ينقض، وهو قول أكثر العلماء، قال الموفق: وهو الصحيح؛ لأنه لم يرد فيه نص، ولا هو في معنى المنصوص عليه، وكلام أحمد يدل على أنه مستحب فإنه قال: أحب إلي أن يتوضأ. وعلل نفي الوجوب بكون الخبر موقوفا على أبي هريرة قاله في "الشرح" "الشرح الكبير" (1\ 90). . [والغاسل، هو من يقلب الميت ويباشره، لا من يصب الماء] ونحوه. الشرح: هذه المسألة فيها هذا الحديث المشهور- { من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ } أخرجه أحمد (2\ 433)، وأبو داود (3162)، والترمذي (1\ 185)، وابن ماجه (1463)، وصححه أحمد شاكر في المسند (رقم 7675)، والألباني في الإرواء (رقم 144)، وسيأتي في: باب ما يوجب الغسل. وهذا الحديث صححه جمع من الأئمة. لكن قال كثيرون: إن هذا على الاستحباب؛ لأن الميت ليس بنجس، ولأنه ليس بحدث، فكيف يجب عليه أن يغتسل؟ فالصحيح أن الغسل من تغسيل الميت على الاستحباب. أما الوضوء فقد وردت فيه هذه الآثار عن بعض الصحابة كابن عمر و ابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء، وقال أبو هريرة "أقل ما فيه الوضوء". ولكن بعض هذه الآثار لم يصح، وهذا الأثر السابق عن أبي هريرة ليس بثابت، بل الثابت عنه هو الحديث المرفوع { من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ } . وقد أنكر عليه هذا كثير من الصحابة، منهم ابن عمر الذي قيل له: توضأ من حمل الميت، فقال: كيف أتوضأ من حمل خشبة!! يعني أنني حملت السرير وما مسست الميت. وقد حمل بعض العلماء قوله -صلى الله عليه وسلم- { ومن حمله فليتوضأ } على من احتضن الميت بيديه، أو حمله بدون حائل. لعل القول الصحيح أن تغسيل الميت لا ينقض الوضوء فالوضوء من ذلك مستحب لا واجب . والمقصود بقوله -صلى الله عليه وسلم- { من غسل ميتا... } هو الذي يقلبه، ويدلكه، وليس هو الذي يصب عليه الماء، فهذا الذي يباشره بيديه هو الذي ينتقض وضوءه إن قيل بذلك، ويستحب له الغسل على القول الثاني. والعلة في هذا أن الموت حدث يحل ببدن الميت، فالذي يمسه ويدلك بدنه يتعدى إليه ذلك الحدث الذي حل بالميت، فعليه أن يغتسل أو يتوضأ بدل مسه لذلك البدن الذي قد حل به حدث الموت، وقد أنكر بعض الصحابة الاغتسال من غسل الميت وذكروا أن الميت لم يتنجس، بل تغسيله تعبد. |