[س 40]: ما المعنى الحقيقي للصليب عند النصارى ؟ أهو الخشبة التي يدعون أنه صلب عليها المسيح عيسى ابن مريم ؟ أم ماذا؟ بارك الله فيكم وفي علمكم. الجواب: الصليب الذي تعظمه النصارى وتعبده هو خشبة في وسطها خشبة أخرى معترضة ملصقة بنصفها أو قريب منها، فهم يعظمون هذا الصليب ويرسمونه في منازلهم وأكسيتهم وصناعاتهم وهو رمز لهم، يسيرون في زعمهم إلى الخشبة التي صلب عليها المسيح لما قتل. وقد كذب الله هذا الزعم الذي تدعيه اليهود بقوله تعالى: { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ } وقد صدق النصارى مزاعم اليهود في قتل المسيح وصلبه، ومن سفههم: تعظيمهم لهذه الخشبة التي تشبه ما صلب عليه معبودهم الذي يعظمون، وكان الأولى أن يحطموه ويكسروه لو كانوا يعقلون يقول ابن القيم، في كتابه هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (ص 320)، تحقيق وتعليق مصطفى أبو النصر عن أول من ابتدع الصليب: لما سمع أهل رومية بقسطنطين، وأنه مبغض للشر محب للخير، وأن أهل مملكته معه في هدوء وسلامة كتب رؤساءهم إليه يسألونه أن يخلصهم من عبودية ملكهم، فلما قرأ كتبهم اغتم غما شديدا، وبقي متحيرا لا يدري كيف يصنع. قال سعيد بن البطريق: فظهر له على ما يزعم النصارى نصف النهار في السماء "صليب" من كوكب مكتوبا حوله "بهذا تغلب " فقال لأصاحبه: رأيتم ما رأيت؟ فقالوا: نعم، فآمن حينئذ بالنصرانية، فتجهز لمحاربة قيصر المذكور، وصنع صليبا كبيرا من ذهب وصيره على رأس البند. أقول وبالله التوفيق: إن الواجب على النصارى أن لا يتعلقوا بهذه الصلبان التي لا تضر ولا تنفع- ولكن يلجؤوا إلى الله الواحد الأحد؛ لأننا نرى بعض النصارى يعظمون الصليب، ويركعون له وهو جماد، بل كان الواجب أن تكون هذه العبادات لله الواحد القهار الذي خلق الناس جميعا، وأنعم عليهم نعمه الكثيرة، وأهم نعمة هي نعمة التوحيد، وإفراد الله بالعبادة. يقول صاحب كتاب (محاضرات في النصرانية) محمد أبو زهرة ص 112 عن الصليب ومقامه عند النصارى: إنه شعارهم وموضع تقديس الأكثرين، ولذا كان حمله علامة على اتباع المسيح. انتهى كلامه. أقول وبالله التوفيق: كما قال شيخنا العلامة عبد الله الجبرين: "كان الأولى أن يحطموه ويكسروه، لو كانوا يعقلون". . |