قوله: [ الثالث تغييب الحشفة كلها أو قدرها] من مقطوعها. [بلا حائل في فرج] لقوله -صلى الله عليه وسلم- { إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان وجب الغسل } رواه مسلم متفق عليه. فإذا غيب الحشفة تحاذى الختانان. [ولو دبرا] لأنه فرد أصلي. [لميت، أو بهيمة، أو طير] لعموم الخبر. [لكن لا يجب الغسل إلا على ابن عشر وبنت تسع ] ومعنى الوجوب في حق من لم يبلغ أن الغسل شرط لصحة صلاته وطوافه وقراءته. الشرح: الموجب الثالث من موجبات الغسل تغييب الحشفة في الفرج ولو بدون إنزال. والوطء بدون إنزال فيه خلاف قديم بين الصحابة، فقد ذهب بعضهم- كأبي سعيد و سعد بن أبي وقاص و زيد بن خالد و رافع بن خديج وغيرهم- إلى أن الإنسان لا يغتسل إلا إذا أنزل المني، لقوله -صلى الله عليه وسلم- { الماء من الماء } رواه مسلم كما في الشرح (4\36). . وذهب آخرون- كالخلفاء الراشدين وغيرهم وهو القول الصحيح- إلى أنه لا يشترط الإنزال لوجوب الغسل، ولكن إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، لقوله -صلى الله عليه وسلم- { إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل } رواه الترمذي كما في التحفة (1\ 361) برقم (108)، وابن ماجه (608)، وابن حبان في الإحسان (2\ 246) وغيرهم، عن عائشة بنحوه. (ج). وقوله -صلى الله عليه وسلم- { إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل } متفق عليه و لمسلم { وإن لم ينزل } . وأما أحاديث { الماء من الماء } فإنها منسوخة، وإنما كانت رخصة في أول الإسلام لفقراء الصحابة لقلة أكسيتهم وثيابهم، فرخص لهم إذا جامع أحدهم أهله وأكسل أن لا يغتسل، والإكسال هو أن يحاول الرجل جماع أهله، ولكن تبطل شهوته فلا يحصل الإنزال. قال النووي (قد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا) قال في "المجموع" (2\ 137) (المسألة اليوم مجمع عليها)، وانظر "نيل الأوطار" (1\220). وهكذا قال ابن العربي فالحاصل أن إيلاج الحشفة- وهي رأس الذكر- في فرج المرأة يوجب الغسل للأحاديث السابقة؛ ولأن إيلاجها بهذا المقدار يوجب الحد عليه في حالة الزنا، ويوجب الصداق- أي المهر- كاملا في حالة الزواج، فكيف لا يوجب الغسل؟ وقد اشترط الفقهاء أن يكون الذكر أصليا، فإن كان مشكوكا فيه، أو زائدا، فلا غسل عليه، فذكر الخنثى مثلا مشكوك فيه: هل هو أصلي أم زائد، فلهذا لا غسل عليه، وهكذا يجب أن يكون الفرج أصليا. وقول المؤلف: (بلا حائل) أي أن يكون الإيلاج بلا حائل بين الفرجين؛ لأنه مع وجود الحائل لا يمس الختان الختان. وقال آخرون: يجب الغسل لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- { ثم جهدها } والجهد يحصل ولو مع الحائل. وقال آخرون: إذا كان الحائل رقيقة بحيث تكمل اللذة معه، فحينئذ فقد وجب الغسل، فإن لم يكن رقيقة فلا غسل، والأحوط أن يغتسل. وقوله: (ولو دبرا.. إلخ) أي لا يشترط أن يكون المولج فيه قبلا، بل لو أولج ذكره في الدبر- ولو من ميت أو من بهيمة أو من طير- فقد وجب عليه الغسل، وإن كان فعله هذا محرما؛ لأن الفقهاء- رحمهم الله- يذكرون هذا من باب التمثيل بقطع النظر عن حله أو حرمته. |