قوله: [ويسن الوضوء بمد، وهو رطل وثلث بالعراقي، وأوقيتان وأربعة أسباع بالقدسي، والاغتسال بصاع، وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وعشر أواق وسبعان بالقدسي] لحديث أنس -رضي الله عنه- قال: { كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد } متفق عليه أخرجه البخاري، ومسلم. . الشرح: المد هو ربع الصاع، فالصاع يساوي أربعة أمداد، والمد يساوي رطلا وثلثا بالرطل العراقي، فيكون الصاع إذا خمسة أرطال وثلثا بالرطل العراقي، قال النووي (هذا هو الصواب المشهور) قال في "المجموع" (2\189) (الصحيح أن الصاع هنا خمسة أرطال وثلث بالبغدادي). . قوله: [ويكره الإسراف] لما روى ابن ماجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بسعد وهو يتوضأ فقال: { ما هذا السرف } ؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال { نعم، وإن كنت على نهر جار } ضعيف: رواه ابن ماجه (425) قال الألباني (ويغني عن هذا حديث أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها! فقال: أي بني! سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" رواه أحمد وغيره بإسناد صحيح). . الشرح: قال الشوكاني - رحمه الله- (قد أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ النهر) "نيل الأوطار" (1\ 250). ومما يدل لهذا الآيات القرآنية الكثيرة التي وردت في ذم الإسراف، كقوله تعالى: { إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } وقوله تعالى: { إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } وغيرهما من الآيات. و الإسراف في الوضوء له عدة مظاهر: 1- أن يتجاوز في غسل أعضائه الحد الشرعي وهو ثلاث غسلات لكل عضو إلا الرأس. 2- أن يتكاسل أثناء وضوئه ويتباطأ حتى يصرف مقدارا كبيرا من الماء قبل أن يفرغ من وضوئه. 3- أن يبالغ في الغسلة الواحدة فيأخذ لها ماء كثيرا جدا إن كان يتوضأ من الإناء، أو يبقي يديه تحت الصنبور وقتا طويلا في كل غسلة. وأما السرف في الغسل فله مثالان: 1- أن يتجاز الحد الشرعي للغسل الكامل، فلا يكتفي بغسلة واحدة. 2- أن يبقى طويلا تحت الماء فيهدر كما هائلا منه دون أن يشعر بذلك. فالحاصل أن المسلم ينبغي عليه أن يعتدل في وضوئه وفي غسله بأن لا يتجاوز به الحد الشرعي، ولا ينقصه عن الواجب، بل كما قال تعالى: { وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } قال الشوكاني - رحمه الله- (القدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر، وسواء كان صاعا أو أقل أو أكثر، ما لم يبلغ في النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعملة مغتسلا، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف، وهكذا الوضوء القدر المجزئ منه ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء، سواء كان مدا أو أقل أو أكثر، ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد السرف، أو النقصان، إلى حد لا يحصل به الواجب) "نيل الأوطار" (1\ 252). . |