قوله: [ويجب بذله لعطشان من آدمي أو بهيمة محترمين] لأن الله تعالى غفر لبغى بسقي كلب، فالآدمي أولى. وقال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم. الشرح: إذا كان مع المسلم ماء قليل فعطش فالواجب عليه أن يشرب هذا الماء ويتيمم لصلواته ؛ لأن الله تعالى يقول: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } ويقول سبحانه: { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } ويقول { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } فالعطش لا دواء له إلا شرب هذا الماء، وأما الطهور فقد أباح الله لنا الصعيد الطيب بدلا من الماء عند الحاجة إليه، وهكذا مثله إذا كان معه ماء قليل فعطش رفيقه، أو عطش آدمي غيره، فإن الواجب عليه أن يعطي ماءه لهذا العطشان ثم يتيمم لصلواته، لقوله تعالى عن نفس الإنسان: { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } وهكذا لو وجد في طريقه بهيمة تحتاج إلى الماء فالواجب أن يسقيها ويتيمم لصلواته، لما في هذا العمل من الأجر العظيم من الله، فقد أدخل سبحانه الجنة بغيا من بني إسرائيل لأنها سقت كلبا رأته يلهث من العطش، فرحمها الله بسبب رحمتها لهذا الكلب البهيم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- { في كل كبد رطبة أجر } رواه البخاري (5\ 31)، ومسلم برقم (2244). . وقول المؤلف (آدمي أو بهيمة محترمين) يخرج غير المحترم، كالكافر الحربي، والبهيمة التي يباح قتلها، كالسباع الضارية، وما أمرنا بقتله من الحيوانات المؤذية، كالخمس الفواسق، فمثل هؤلاء لا يؤثرهم بالماء، بل يحبس الماء لحاجته، ولو مات الكافر الحربي عطشا؛ لأن فيه خيرا للمسلمين لكونه عدوا لهم ويقوي أعداءهم، ولهذا يقتل متى قدر عليه، ويلحق به كل من أهدر دمه للزنا مع الإحصان، والردة عن الإسلام، ومن قتل مكافئا وأهدر دمه قصاصا، فلا يؤثر هؤلاء بالماء الذي معه، والله أعلم. |